للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، ولو بَرِئَ مِنْ المَرضِ وجَبَ الصَّومُ، وكذا الشَّيخُ الفاني إذا فَدَى ثمَّ قدَرَ على الصَّومِ أنه تَبطلُ الفِديةُ ويَلزمُه الصَّومُ؛ لأنَّ الشَّيخَ الفاني هو الذي لا تُرجَى له القُدرةُ على الصَّومِ، فإذا قدَرَ تبيَّنَ أنه لم يَكنْ شَيخًا فانِيًا، ولأنَّ الفِديةَ ليسَتْ ببَدلٍ مُطلَقٍ؛ لأنها ليسَتْ بمِثلٍ للصَّومِ صُورةً ومُعنًى، فكانَتْ بَدلًا ضَروريًّا، وقدِ ارتَفعَتِ الضَّرورةُ فبَطلَتِ القُدرةُ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا جزَمَ بالقُدرةِ على الصِّيامِ أو ظنَّها فلا يَنتقِلُ إلى الإطعامِ قَولًا واحِدًا.

وإنْ جزَمَ بعَدمِ قُدرتِه على الصِّيامِ أو ظَنَّ عدَمَ القُدرةِ على الصِّيامِ -بأنْ كانَ المُظاهِرُ حِينئذٍ مَريضًا مَثلًا وغلَبَ على ظنِّهِ أنه لا يَقدِرُ على الصِّيامِ الآنَ ولا في المُستقبَلِ- انتَقلَ إلى الإطعامِ قَولًا واحِدًا، وكذا كلُّ مرَضٍ يَطولُ بصاحبِه ولا يَدري أيَبْرَأُ منه أم لا؟ فلْيُطعِمْ، ويُجزِئُه ذلكَ إنْ صَحَّ.

وفي «المُدوَّنة»: إذا تَمادَى بهِ المَرضُ انتَظرَ حتى إذا صَحَّ صامَ، إلا أنْ يُصيبَه مَرضٌ يُعلَمُ أنَّ مِثلَ ذلكَ المَرضِ لا يَقوى صاحِبُه على الصِّيامِ بعدَ ذلكَ، فإنَّ هذا قد خرَجَ مِنْ أنْ يكونَ مِنْ أهلِ الصِّيامِ وصارَ مِنْ أهلِ الإطعامِ، وقالَ غيرُه: إذا مَرضَ فهو ممَّنْ لا يَستطيعُ، وعليهِ الإطعامُ.


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٩٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٤١٨)، و «البحر الرائق» (٤/ ١١٦)، و «اللباب» (٢/ ١٣٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>