للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدةٍ كتكرارِ اليَمينِ، فكمَا يَجبُ باعتبارِ كلِّ يَمينٍ كفَّارةٌ فكذلكَ باعتبارِ كلِّ ظِهارٍ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في الجَديدِ إلى أنَّ الظِّهارَ غيرُ مَحصورِ العَددِ، وليسَ كالطلاقِ المَحصورِ بثَلاثٍ، فإذا ظاهَرَ مِنْ امرَأتِه ثمَّ كرَّرَ الظهارَ مِرارًا فهذا على ضربَينِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونَ مُتواليًا، فلا يَخلُو حالُه فيهِ مِنْ ثَلاثةِ أقسامٍ:

أحَدُها: أنْ يُريدَ بالتَّكرارِ التأكيدَ، فيَكونُ ظِهارًا واحِدًا تَجبُ فيهِ كفَّارةٌ واحِدةٌ، كالطلاقِ إذا كرَّرَه تأكيدًا كانَتْ طَلقةً واحِدةً.

والقِسمُ الثاني: أنْ يُريدَ بهِ الاستِئنافَ، فيَكونُ بكُلِّ لَفظةٍ مِنها مُظاهِرًا، فإنْ تَكرَّرتْ خَمسَ مرَّاتٍ كانَ ظِهارُه خَمسًا، ولو كرَّرَ الطلاقَ خَمسًا لم يَكنْ إلا ثَلاثًا؛ لِمَا ذكَرْنا مِنْ حَصرِ الطلاقِ، ويَلزمُه خَمسُ كفَّاراتٍ؛ لأنه لمَّا ثبَتَ بما بعدَ الأوَّلِ كثُبوتِ الأوَّلِ اقتَضَى أنْ يُوجِبَ مثلَ ما أوجَبَه الأولُ.

والقِسمُ الثالثُ: أنْ يُطلِقَ تَكرارَ ظِهارِه فلا يُريدَ بهِ تأكِيدًا ولا استِئنافًا، فيَكونُ ظِهارًا واحِدًا لا يَجبُ فيه إلا كفَّارةٌ واحِدةٌ؛ حَملًا على التأكيدِ.


(١) «المبسوط» (٦/ ٢٢٦)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٥٧)، و «عمدة القاري» (٢٠/ ٢٨٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٧١)، و «المغني» (٨/ ٣٥، ٣٦)، و «المبدع» (٨/ ٤٥)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٦، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>