للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَعَ عليه الظِّهارُ والطلاقُ جَميعًا، فإنْ تزوَّجَها بعدَ ذلكَ لم يَقربْها حتى يُكفِّرَ كفَّارةَ الظِّهارِ؛ لأنَّ ا لظهارَ والطلاقَ وقَعَا جَميعًا معًا في الوجهَينِ، وإنَّما تَكلَّمَ مالكٌ في الذي يَقولُ لامرأةٍ: «إنْ تَزوَّجتُكِ فأنتِ طالقٌ وأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» أنه إنْ تَزوَّجَها وقَعَ عليهِ الطلاقُ والظهارُ جَميعًا، والذي قدَّمَ الظهارَ أَبيَنُ عندِي (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: يَصحُّ الظِّهارُ مِنْ الأجنَبيةِ، ولا يَطؤُها إذا تَزوَّجَها حتى يُكفِّرَ، فإنْ قالَ لأجنَبيةٍ: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» أو قالَ لأجنَبيةٍ: «إنْ تَزوَّجتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» لمْ يَطأْها إنْ تَزوَّجَها حتى يُكفِّرَ كفَّارةَ الظهارِ؛ لأنه إذا تزوَّجَها تَحقَّقَ معنَى الظهارِ فيها، وحيثُ كانَ كذلكَ امتُنعَ وَطؤُها قبلَ التكفيرِ؛ لقَولِ عُمرَ في رَجلٍ قالَ: «إنْ تَزوَّجتُ فُلانةَ فهي عليَّ كظَهرِ أمِّي» ثمَّ تزوَّجَها، قالَ: «عليهِ كفَّارةُ الظهارِ» (٢)، ولأنها يَمينٌ مُكفّرةٌ فصَحَّ عَقدُها قبلَ النكاحِ كاليَمينِ باللهِ تعالى، والآيةُ خرَجَتْ مَخرجَ الغالبِ (٣).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الظهارَ لا يَصحُّ في الأجنَبيةِ، فيُشترطُ لصحَّتِه أنْ يَكونَ على زَوجةٍ، والأجنَبيةُ ليسَتْ بزَوجةٍ، فإذا قالَ لأجنَبيةٍ: «إنْ تَزوَّجتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» فتَزوَّجَها لم يَقعْ عليه ظِهارٌ ولا تَلزمُه الكفَّارةُ؛ لأنَّ الظهارَ تبَعٌ في الطلاقِ في الثُّبوتِ والنَّفيِ (٤).


(١) «المدونة الكبرى» (٦/ ٥٩، ٦٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٤٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٧٤، ٣٧٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٧٦)، و «حاشية الصاوي» (٥/ ٤٧١).
(٢) ضَعِيفٌ: رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٥٥٩، ٢٠).
(٣) «الإنصاف» (٩/ ٢٠٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٣٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٤٢)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥١٢)، و «منار السبيل» (٣/).
(٤) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٩)، و «البيان» (١٠/ ٣٤٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٣٣)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>