للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الحَلفَ إذا أُطلِقَ فإنَّما يَنصرفُ على الحَلفِ باللهِ؛ لقَولِ النبيِّ : «مَنْ كانَ حالِفًا فلْيَحلِفْ باللهِ أو ليَصمُتْ» (١).

وإنْ سلَّمْنا أنَّ غيرَ القسَمِ حَلفٌ، لكنَّ الحَلفَ بإطلاقِه إنَّما يَنصرفُ إلى القسَمِ، وإنما يُصرَفُ إلى غيرِ القسَمِ بدَليلٍ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا خِلافَ في أنَّ القسَمَ بغَيرِ اللهِ تَعالى وصِفاتِه لا يكونُ إيلاءً؛ لأنه لا يُوجِبُ كفَّارةً ولا شَيئًا يَمنعُ مِنْ الوَطءِ، فلا يكونُ إيلاءً كالخبَرِ بغيرِ القسَمِ (٢).

قالَ العَمرانِيُّ : فعلى هذا يكونُ حالِفًا، كما لو قالَ: «إنْ دخَلْتِ الدارَ فأنتِ طالِقٌ، أو فعَبدِي حرٌّ»، وإنَّما لا يَتعلَّقُ بهِ أحكامُ الإيلاءِ (٣).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه يَصحُّ الإيلاءُ بكُلِّ يَمينٍ لَزمَه بها حُكمٌ أو يَلحقُه بها ضَررٌ؛ لمَفهومِ قَولِه تعالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٢٦]، والإيلاءُ الحَلفُ، وهذا عامٌّ في الحَلفِ باللهِ وبغَيرِه، ولأنها يَمينٌ يَلزمُه بالحِنثِ فيها حَقٌّ، فصَحَّ إيلاؤُه بها كاليَمينِ باللهِ تعالى.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحُ: تقدم.
(٢) «المغني» (٧/ ٤١٤، ٤١٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٠٩).
(٣) «البيان» (١٠/ ٢٧٥)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٤٣، ٥٤٤)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٧، ٢٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٢٢، ٦٢٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٨٠)، و «الديباج» (٣/ ٤٩٠، ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>