للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعروفِ في الطلاقِ، فمَن غلَّبَ الأصلَ قالَ: رَجعيٌّ، ومَن غلَّبَ المَصلحةَ: قالَ بائِنٌ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ أيضًا: وأمَّا هل مِنْ شَرطِ رَجعةِ المُولي أنْ يطَأَ في العدَّةِ أم لا؟

فإنَّ الجُمهورَ ذَهَبوا إلى أنَّ ذلكَ ليسَ مِنْ شَرطِها، وأمَّا مالِكٌ فإنه قالَ: إذا لَم يطَأْ فيها مِنْ غَيرِ عُذرِ مَرضٍ أو ما أشبَهَ ذلكَ فلا رَجعةَ عِندَه له عَليها وتَبقَى على عدَّتِها، ولا سَبيلَ له إليها إذا انقَضَتِ العدَّةُ.

وحُجَّةُ الجُمهورِ أنه لا يَخلُو أنْ يَكونَ الإيلاءُ يَعودُ برَجعتِه إياها في العدَّةِ أو لا يَعودُ، فإنْ عادَ لم يُعتبَرْ واستُؤنِفَ الإيلاءُ مِنْ وَقتِ الرجعةِ، أعنِي تُحسَبُ مدَّةُ الإيلاءِ مِنْ وَقتِ الرَّجعةِ، وإنْ لم يَعُدِ الإيلاءُ لم يُعتبَرْ أصلًا، إلا على مَذهبِ مَنْ يَرى أنَّ الإيلاءَ يَكونُ بغَيرِ يَمينٍ، وكَيفَما كانَ فلا بُدَّ مِنْ اعتِبارِ الأربَعةِ الأشهُرِ مِنْ وَقتِ الرجعةِ، وأمَّا مالكٌ فإنه قالَ: كلُّ رَجعةٍ مِنْ طَلاقٍ كانَ لرَفعِ ضَررٍ فإنَّ صحَّةَ الرجعةِ مُعتبَرةٌ فيه بزَوالِ ذلكَ الضررِ، وأصلُه المُعسِرُ بالنَّفقةِ إذا طلِّقَ عليهِ ثمَّ ارتَجعَ فإنَّ رَجعتَه تُعتبَرُ صحَّتُها بيَسارِه.

فسبَبُ الخِلافِ: قياسُ الشَّبهِ، وذلكَ أنَّ مَنْ شبَّهَ الرجعةَ بابتِداءِ النكاحَ أوجَبَ فيها تَجدُّدَ الإيلاءِ، ومَن شبَّهَ هذهِ الرجعةَ برَجعةِ المُطلِّقِ لضَررٍ لم يَرتفعْ منه ذلكَ الضررُ قالَ: يَبقى على الأصلِ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٦٧).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>