لأجْلِه وجَبَ ضَربُ المدَّةِ للحالِفِ ووَقفُه بعدَها هو امتِناعُه مِنْ وَطئِها المدَّةَ التي هي غايةُ ما يَصبِرُ النِّساءُ عن الوَطءِ في مِثلِها معَ قَصدِ الإضرارِ وانتِفاءِ الأعذارِ، وهذا مَوجودٌ في مَسألتِنا، فوجَبَ حَسمُ البابِ بإجرائِه مَجرى الحالِفِ.
قالَ الإمامُ مالكٌ ﵀: مَنْ ترَكَ وطْءَ زَوجتِه لغَيرِ عُذرٍ ولا إيلاءٍ لم يُتركْ، إمَّا وَطئَ أو طلَّقَ، يُريدُ: ويتلوَّمُ له بمِقدارِ أجَلِ الإيلاءِ وأكثَرَ.
قالَ مالكٌ: وقدْ كتَبَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى قَومٍ غابُوا بخُراسانَ وخلَّفُوا أهليهِم، فكتَبَ إلى أُمرائِهم: إمَّا أنْ يَقدُموا أو يُرحِّلُوا نِساءَهم أو يُطلِّقُوا، قالَ مالكٌ: وذلكَ رأيٌ، وأرَى أنْ يُقضَى بذلكَ.
قالَ أصبَغُ: فإنْ لم يُطلِّقُوا طلِّقَ عليهِم، إلا أنْ تَرضَى بذلكَ.
وكذا قَطعُ ذَكرِه لعِلَّةٍ نزَلَتْ له، أو قَطعهُ خطَأً فلها القِيامُ على المُعتمَدِ، فإنْ تَعمَّدَ قطْعَه أو شَربَ دَواءً ليَقطعَ بهِ لذَّةَ النِّساءِ أو شَربَه لعِلاجِ علَّةٍ وهو عالِمٌ أنه يُذهِبُ شَهوةَ النِّساءِ أو شَاكٌّ كانَ لها الفِراقُ إنْ لم ترْضَ بالإقامةِ معهُ.
ولكنْ لا يُطلَّقُ على الغائبِ إلا أنْ تَطولَ غَيبتُه سنَةً فأكثَرَ على المُعتمَدِ في المَذهبِ، وهذا إذا كانَتْ نَفقتُها دائِمةً، وإلا طلِّقَ عليهِ حالًا لعَدمِ النَّفقةِ.