وإنْ لم يَطأْها وقعَتْ بمُضيِّ أربعةِ أشهُرٍ أُخرى تَطليقةٌ أُخرى أيضًا؛ لأنه بالتزويجِ ثبَتَ حقُّها، فيَتحقَّقُ الظُّلمِ، فيُعتبَرُ ابتداءُ هذا الإيلاءِ مِنْ وقتِ التزويجِ، فإنْ عادَ إليها وتزوَّجَها ثالثةً عادَ الإيلاءُ، ووقَعَ بمُضيِّ أربعةِ أشهُرٍ أُخرَى تَطليقةٌ أُخرى؛ لبَقاءِ طلاقِ ذلك المِلكِ ببَقاءِ المَحلِّيةِ، فإنْ تزوَّجَتْ بزَوجٍ آخَرَ ثم عادَتْ إليه بزَواجٍ جَديدٍ لم يقَعْ بذلك الإيلاءِ طَلاقٌ؛ لزَوالِ طَلاقِ ذلكَ المِلكِ بزوالِ المَحلِّيةِ، ولكنَّ اليَمينَ باقيةٌ؛ لعَدمِ الحِنثِ، وإنْ وَطئَها كفَّرَ عن يَمينِه؛ لوُجودِ الحِنثِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (ولَو آلى منها فلمْ يُصبْها حتى طلَّقَها وانقضَتْ عدَّتُها منه ثم نكَحَها وقد بَقيَ مِنْ مدَّةِ الإيلاءِ أكثرُ مِنْ أربعةِ أشهُرٍ وُقفَ لها كما وصَفْت).
وجُملةُ الأمرِ أنَّ المُوليَ إذا أبانَ زوْجتَه انقطَعَتْ مدَّةُ الإيلاءِ بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، سَواءٌ بانَتْ بفَسخٍ أو طَلاقِ ثَلاثٍ أو بخُلعٍ أو بانقضاءِ عدَّتِها مِنْ حينِ الطلاقِ الرجعيِّ؛ لأنها صارَتْ أجنَبيةً منه ولم يبْقَ شيءٌ مِنْ أحكامِ نِكاحِها.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦٢)، و «فتاوى السغدي» (١/ ٣٦٩)، و «الهداية» (٢/ ١١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٠٠)، و «الاختيار» (٣/ ١٨٨)، و «اللباب» (٢/ ١٠٨، ١٠٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٢٧، ٤٢٨).