وأقوَى ما تَمسَّكَ بهِ الفَريقُ الثاني أنَّ العدَّةَ إنَّما شُرِعَتْ لبَراءةِ الرَّحمِ، وبَراءتُها إنَّما تَكونُ بالحَيضِ لا بالأطهارِ، ولذلكَ كانَ عدَّةُ مَنْ ارتَفعَ الحَيضُ عنها بالأيَّامِ، فالحَيضُ هو سَببُ العدَّةِ بالأقراءِ، فوجَبَ أنْ تكونَ الأقراءُ هيَ الحيضَ.
واحتَجَّ مَنْ قالَ الأقرَاءُ هي الأطهارُ بأنَّ المُعتبَرَ في بَراءةِ الرَّحمِ هو النَّقلةُ مِنْ الطُّهرِ إلى الحَيضِ لا انقِضاء الحيضِ، فلا معنَى لاعتِبارِ الحَيضةِ الأخيرةِ، وإذا كانَ ذلكَ فالثلاثُ المُعتبَرُ فيهنَّ التَّمامُ -أعني: المُشتَرَطَ- هي الأطهارُ التي بينَ الحيضتَينِ، ولِكلَا الفَريقَينِ احتِجاجاتٌ طَويلةٌ.
ومذهَبُ الحَنفيةِ أظهَرُ مِنْ جِهةِ المَعنى، وحُجَّتُهم مِنْ جِهةِ المَسموعِ مُتساوِيةٍ أو قَريبٌ مِنْ مُتساويةٍ، ولم يَختلفِ القائِلونَ أنَّ العدَّةَ هي الأطهارُ أنها تَنقضِي بدُخولِها في الحَيضةِ الثالثةِ.