وفائِدةُ الخِلافِ في هذا أنَّ مَنْ يَقولُ أنَّ القُرءَ هو الطُّهرُ أنها إذا دخَلَتْ في الحَيضةِ الثالثةِ فقَدِ انتَهَتْ عدَّتُها وحلَّتْ للأزواجِ، وهذا مَذهبُ المالِكيةِ والشافِعيةِ.
ومَن يَقولُ أنَّ القُرءَ هو الحَيضُ -وهُم الحَنفيةُ والحَنابلةُ- فإنَّ لزَوجِها أنْ يُراجِعَها ما لم تَغتسِلْ مِنْ حَيضتِها الثالثةِ، فإنِ اغتَسلَتِ انقطَعَتِ الرجعةُ؛ لأنه ثبَتَ لها حُكمٌ مِنْ أحكامِ الطَّاهِراتِ، وهو إباحةُ أداءِ الصَّلاةِ.
وبَيانُ ذلكَ مُفصَّلًا فيما يَلي:
ذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَقصودَ بالقُرءِ الحَيضُ، فإذا طلَّقَ الرَّجلُ امرَأتَه وقد دخَلَ بها فعِدَّتُها ثلاثُ حِيَضٍ غير الحَيضةِ التي طلَّقَها فيها إنْ طلَّقَها حائضًا، فإذا اغتسَلَتْ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ فقَدِ انتهَتْ عدَّتُها وأُبيحَتْ للأزواجِ.
وهذا مَرويٌّ عن أبي بَكرٍ الصِّديقِ وعُمرَ بنِ الخطَّابِ وعليِّ بنِ أبي طالِبٍ وعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ وأبي مُوسى الأشعَريِّ ومُعاذِ بنِ جبَلٍ وأبي الدَّرداءِ وعُبادةَ بنِ الصامتِ وابنِ عبَّاسٍ ﵃ وجَماعةٍ مِنْ التابعِينَ بالحِجازِ والشَّامِ والعِراقِ، وقُولُهم كلُّهُم أنَّ المُطلَّقةَ لا تَحلُّ للأزواجِ حتى تَغتسلَ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ.
والدَّليلُ على أنَّ القُرءَ هو الحَيضُ ما رُويَ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ:«عِدَّةُ الأمَةِ حَيضَتانِ»(١)، والأمَةُ لا تُخالِفُ الحرَّةَ في جِنسِ ما تَقعُ بهِ
(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢١٨٩)، والترمذي (١١٨٢)، وابن ماجه (٢٠٧٩).