الصَّلاةِ، ثم لمَّا ذكرَ بَنَى على صَلاتِه وسجدَ لِلسَّهوِ، ولأنَّه كَلامٌ على وَجهِ السَّهوِ فأشبَهَ لَفظَ السَّلامِ.
وأيضًا: فإنَّ الكَلامَ في الصَّلاةِ مِنْ بابِ التُّروكِ، فيُعذَرُ فيه بالخَطَأِ والنِّسيانِ، كما في الصَّومِ، بل أَولَى؛ لأنَّ الكَفَّ عن الأكلِ والشُّربِ في الصَّومِ رُكنٌ، ولأنَّ الكَلامَ في الصَّلاةِ مَحظورٌ، ولأنَّ الإثم فيه مَرفوعٌ إجماعًا، فإذا رُفِعَ إثمُه لم يَبقَ مَحظورًا. وإذا لم يكنِ الأكلُ ناسِيًا مُنافِيًا لِلصَّومِ، مع كَونِ الكَفِّ عنه رُكنًا؛ فلأَلَّا يَكونَ الكَلامُ ناسِيًا مُنافِيًا لِلصَّلاةِ بطَريقِ الأَولَى.
ولا يُعذَرُ الجاهِلُ بذلك إلا إذا كانَ قَريبَ عَهدٍ بالإسلامِ، أو نَشَأَ بَعيدًا عن العُلماءِ، فأمَّا مَنْ طالَ عَهدُه بالإسلامِ أو نَشَأَ قَريبًا من العُلماءِ، فتبطُلُ صَلاتُه؛ لِتَقصِيرِهِ في التَّعليمِ، وكذا لو علِم تَحريمَ الكَلامِ في الصَّلاةِ، ولم يَعلَم أنَّه مُبطِلٌ لها، كما لو علِم تَحريمَ الزِّنا، ولم يَعلَم حَدَّه؛ فإنَّه يُحَدُّ بغيرِ خِلافٍ.
وذَهب الإمامُ أبو حَنيفَةَ وأحمدُ في رِوايةٍ وهو قولُ بعضِ المالِكيَّةِ إلى بُطلانِ صَلاتِه؛ لعُمومِ أحاديثِ المَنعِ من الكَلامِ، ولأنَّه ليس مِنْ جِنسِ ما هو مَشروعٌ في الصَّلاةِ، فلم يُسامَح فيه، ولا فَرقَ بينَ العامِدِ والنَّاسِي في الحُكمِ، وإنَّما يختلِفانِ في المَأثَمِ واستِحقاقِ الوَعِيدِ، فأمَّا في الأحكامِ التي هي فَسادُ الصَّلاةِ وإيجابُ قَضائِها فلا يختلِفانِ، ألَا تَرَى أنَّ لِلنَّاسِي بالأَكلِ والحَدثِ والجِماعِ في الصَّلاةِ حُكمَ العامِدِ فيما يتعلَّقُ عليه من أحكامِ هذه