دُونَه، ولا تَصحُّ الرجعةُ إلا بالقَولِ، ولا تَصحُّ بالفِعلِ بحَرامٍ، ويَحرمُ وَطؤُها قبلَ أنْ يُراجِعَها؛ لأنَّ الرجعةَ استِباحةُ بُضعٍ مَقصودٍ يَصحُّ بالقَولِ، فلم يَصحَّ بالفِعلِ معَ القُدرةِ على القولِ كالنكاحِ؛ لأنَّ ابتداءَ النكاحِ لا يَحصلُ بالفِعلِ، فكذا الرَّجعةُ، ولأنَّ الوَطءَ يُوجِبُ العدَّةَ، فكيفَ يقَطعُها؟!
قالَ الإمامُ الشافِعيُّ ﵀: إنَّما هو بالكَلامِ دُونَ الفعلِ مِنْ جِماعٍ وغَيرِه؛ لأنَّ ذلكَ رَدٌّ بلا كَلامٍ، فلا تَثبتُ رَجعةٌ لرَجلٍ على امرأتِه حتى يَتكلَّمَ بالرجعةِ كما لا يَكونُ نِكاحٌ ولا طَلاقٌ حتَّى يَتكلمَ بهما، فإذا تَكلمَ بهَا في العدَّةِ ثبَتَتْ له الرجعةُ، والكَلامُ بها أنْ يَقولَ:«قَدْ راجَعتُها، أو قد ارتجَعْتُها، أو قَدْ ردَدْتُها إليَّ، أو قَدْ ارتَجعْتُها إليَّ»، فإذا تكلَّمَ بهذا فهيَ زَوجةٌ (١).
وقالُوا: يَحرمُ الاستِمتاعُ بالرجعيةِ بوَطءٍ وغيرِه حتَّى بالنَّظرِ ولو بلا شَهوةٍ؛ لأنها مُفارَقةٌ كالبائنِ، ولأنَّ النكاحَ يُبيحُ الاستِمتاعَ، فيُحرِّمُه الطلاقُ؛ لأنه ضِدُّه.
فإنْ وَطئَ الرَّجعيةَ فلا حَدَّ عليهِ ولا عليها وإنْ كانَ عالِمًا بالتَّحريمِ؛ لاختِلافِ العُلماءِ في إباحتِهِ، ولا يُعزَّرُ إلا مُعتقِدُ تَحريمِه إذا كانَ عالِمًا بالتحريمِ؛ لإقدامِه على مَعصيةٍ عِندَه، بخِلافِ مُعتقِدِ حِلِّه والجاهلِ بتَحريمِه؛ لِعذُرِه، ومِثلُه في ذلكَ المرأةُ، وكالوَطءِ في التعزيرِ سائرُ التمتُّعاتِ.
(١) «الأم» (٥/ ٢٤٤)، و «البيان» (١٠/ ٢٤٧)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٢٨)، و «كنز الراغبين» (٤/ ٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٥٩٩)، و «الديباج» (٣/ ٤٨١)، و «الكافي» (٣/ ٢٢٩).