للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غايةٍ، واستِبقاءُ الطلاقِ إلى غايَةٍ يَكونُ تأبيدًا له؛ إذْ هو لا يَحتملُ التوقيتَ، كما إذا قالَ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ يومًا، أو شهرًا، أو سَنةً» أنه لا يَصحُّ التوقيتُ ويَتأبَّدُ الطلاقُ، فلا تَصحُّ الرجعةُ، هذا إذا أنشَأَ الرجعةَ.

فأمَّا إذا أخبَرَ عَنْ الرجعةِ في الزمنِ الماضِي بأنْ قالَ: «كنتُ راجَعتُكِ أمسِ» فإنْ صدَّقْتُه المرأةُ فقدْ ثبَتَتِ الرجعةُ، سواءٌ قالَ ذلك في العدَّةِ أو بعدَ انقضاءِ العدَّةِ بعدَ أنْ كانَتِ المَرأةُ في العدَّةِ أمسِ، وإنْ كذَّبْتُه فإنْ قالَ ذلكَ في العدَّةِ فالقَولُ قَولُه؛ لأنه أخبَرَ عمَّا يَملكُ إنشاءَهُ في الحالِ؛ لأنَّ الزوجَ يَملكُ الرجعةَ في الحالِ، ومَن أخبَرَ عَنْ أمرٍ يَملكُ إنشاءَهُ في الحالِ يُصدَّقُ فيهِ؛ إذ لو لم يُصدَّقْ يُنشِئُه للحالِ، فلا يُفيدُ التكذيبُ، فصارَ كالوَكيلِ قبلَ العَزلِ إذا قالَ: «بِعتُه أمسِ»(١).

وكذا لو قالَ الزوجُ بعدَ الطلاقِ: «راجَعتُكِ غدًا، أو رأسَ شَهرِ كذا» لم تَصحَّ الرجعةُ في قَولِهم جَميعًا، هكذا في «البَدائِع» (٢).

وكذا نَصَّ الشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنه إنْ قالَ: «راجَعتُكِ إنْ شِئت» لم يَصحَّ كذلكَ، ولا يَضرُّ عِنْدَ الشَّافعيةِ إنْ قالَ: «راجَعتُكِ إنْ شِئت، أو أَنْ شِئْت» -بفتْحِ الهَمزَةِ-؛ لأنَّ ذلكَ تَعليلٌ لا تَعليقٌ، فيَنبغي أنْ يُفرَّقَ بينَ النحْويِّ وغيرِه ويُستفسَرَ الجاهِلُ بالعرَبيةِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٥).
(٢) «الفتاوى الهندية» (١/ ٤٧٠).
(٣) «البيان» (١٠/ ٢٥٠)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٢٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>