للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ هَذه الرِّوايةِ أنَّ النكاحَ بعدَ الطلاقِ الرجعيِّ قائِمٌ مِنْ كلِّ وجهٍ، فكانَ قولُه: «نكَحْتُكِ» إثباتَ الثابتِ وأنه مُحالٌ فلم يَكنْ مَشروعًا فكانَ مُلحَقًا بالعَدمِ شَرعًا فلم يكنْ رَجعةً، بخلافِ قولِه: «راجَعتُكِ»؛ لأنَّ ذلكَ ليسَ بإثباتِ النكاحِ، بل هوَ استِيفاءُ النكاحِ الثابتِ وأنه مَحلٌّ للاستِيفاءِ؛ لأنه انعَقدَ سبَبُ زوالِه، والرجعةُ فَسخُ السَّببِ ومَنعٌ له عن العَملِ، فيَصحُّ.

وجهُ ظاهرِ الرِّوايةِ أنَّ النكاحَ وإنْ كانَ ثابتًا حَقيقةً لكنِ المَحلُّ لا يَحتملُ الإثباتَ، فيُجعلُ مَجازًا عَنْ استيفاءِ الثابتِ؛ لِمَا بينَهُما مِنْ المُشابَهةِ؛ تَصحيحًا لتَصرُّفِه بقَدرِ الإمكانِ، وقد قِيلَ في أحَدِ تأويلَي قولهِ تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أي: أزواجُهنَّ أحَقُّ بنِكاحِهنَّ في العدَّةِ مِنْ غيرِهم مِنْ الرِّجالِ، والنكاحُ المُضافُ إلى المُطلَّقةِ طلاقًا رَجعيًّا، فدَلَّ على ثُبوتِ الرجعةِ بالنكاحِ (١).

وغيرُ الصَّريحِ عندَ المالِكيةِ: وهو اللَّفظُ المُحتملُ ك: «مسَكْتُها، وأمسَكْتُها»؛ إذْ يحتملُ «أمسَكْتُها تَعذيبًا لها» أو يحتملُ «أمسَكْتُها في عِصمَتي زَوجةً»، فإذا أتَى بهذا اللَّفظِ المُحتملِ ونوَى بهِ الرجعةَ حصَلَتْ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٣)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ١٥٩)، و «العناية شرح الهداية» (٥/ ٣٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٧٥)، و «الاختيار» (٣/ ١٨١)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٤٠٥)، و «اللباب» (٢/ ٩٨)، و «الفتاوى الهندية» (٤٦٨).
(٢) «التاج والإكليل» (٣/ ١١٦)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٨٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٢٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٢٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٤١٧، ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>