لأنه لا يَجبُ عليهِ إمساكُها في تلكَ الحالِ، فلا يَجبُ عَليهِ رَجعتُها فيهِ.
ولنا: إنه طَلاقٌ لا يَرتفعُ بالرَّجعةِ، فلم تَجبْ عليهِ الرَّجعةُ فيهِ كالطلاقِ في طُهرٍ مَسَّها فيهِ، فإنَّهم أجمَعُوا على أنَّ الرَّجعةَ لا تَجبُ، حكاهُ ابنُ عبدِ البَرِّ عن جَميعِ العُلماءِ، وما ذكَرُوه مِنْ المَعنَى يَنتقضُ بهذهِ الصُّورةِ، وأما الأمرُ بالرجعةِ فمَحمولٌ على الاستِحبابِ؛ لِمَا ذكَرْنا (١).
قالَ ابنُ بطَّالٍ ﵀: واختَلفَ العُلماءُ في مَعنى قولِه ﵇: «مُرْهُ فلْيُراجِعْها»، فقالَ مالكٌ: هذا الأمرُ مَحمولٌ على الوُجوبِ، ومَن طلَّقَ زَوجتَه حائِضًا أو نُفساءَ فإنه يُجبَرُ على رَجعتِها، فسَوَّى دمَ النِّفاسِ بدَمِ الحَيضِ، قالَ مالكٌ وأكثَرُ أصحابِه: يُجبَرُ على الرَّجعةِ في الحَيضةِ التي طلَّقَ فيها، وفي الطُّهرِ بعدَها، وفي الحَيضةِ بعدَ الطُّهرِ، وفي الطُّهرِ بعدَها، ما لَم تَنقضِ عدَّتُها، إلا أشهَبَ فإنه قالَ: يُجبَرُ على رَجعتِها في الحَيضةِ الأُولَى خاصَّةً، فإذا طَهُرتْ منها لم يُجبَرْ على رَجعتِها، قالَ ابنُ أبي ليلَى -وهوَ قولُ الكُوفيِّينَ والأوزاعيِّ والشافعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ وأبي ثَورٍ-: يُؤمَرُ برَجعتِها ولا يُجبَرُ على ذلك، وحمَلُوا الأمرَ في ذلكَ على النَّدبِ؛ ليَقعَ الطلاقُ على سُنَّةٍ، ولم يَختلفُوا أنها إذا انقضَتْ عدَّتُها أنه لا يُجبَرُ على رَجعتِها، فدلَّ على أنَّ الأمرَ بمُراجَعتِها نَدبٌ، وحجَّةُ مَنْ قالَ:«يُجبَرُ على رَجعتِها» قولُه ﷺ: «مُرْهُ فلْيُراجِعْها»، وأمرُه فَرضٌ، وأجمَعُوا أنه