أنْ لا تُطيعَه ولا تُمكِّنَه، إلا إذا أكرَههَا بالقَتلِ فيَجوزُ؛ لأنه مِنْ بابِ الإكراهِ على الزِّنا.
وهل يَجوزُ لها أنْ تَقتلَه عندَ طَلبِه ذلك منها؟ أو لا يَجوزُ لها ذلكَ؟ فيه خِلافٌ، وظاهِرُ القولِ بجَوازِ قَتلِه، سَواءٌ كانَ مُحصَنًا أم لا، وهو ظاهِرٌ؛ لشَبَهِه بالصَّائلِ حَيثُ عُلِمَ أنه لا يَندفعُ إلا بالقَتلِ، فإنْ كانَ يَندفعُ بغيرِ القتلِ كالضربِ أو غيرِه فلا يَجوزُ اتِّفاقًا.
قالَ ابنُ عَرفةَ ﵀: الصَّوابُ أنها إنْ أَمِنتْ مِنْ قَتلِ نفسِها إنْ قتَلَتْه أو حاولَتْ قتْلَه ولم تَقدرْ على دَفعِه إلا بقَتلِه وجَبَ عليها قَتلُه؛ لإباحتِه، وإنْ لم تَأمَنْ مِنْ قَتلِ نَفسِها في مُدافَعتِها بالقَتلِ أو بعدَ قَتلِه فهي في سَعةٍ، وكذا مَنْ رَأى فاسقًا يُحاوِلُ فِعلَ ذلكَ بغيرِه (١).
وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: فصلٌ: وأمَّا زَوجةُ المَدِينِ في طَلاقِه إذا أُلزِمَ الطلاقَ في الظاهِرِ دونَ الباطِنِ فلا يَخلو حالُها مِنْ ثلاثةِ أقسامٍ:
إمَّا أنْ تَعلمَ صِدقَه فيما دِينَ فيه، فيَسعُها فيما بينَها وبينَ اللهِ تعالى أنْ تُقيمَ معه وتُمكِّنَه مِنْ نفسِها، ولا يُكرَهُ لها، ويَجبُ على الزوجِ نفَقتُها، ويَحرمُ عليها النُّشوزُ عنه، فإنْ نَشَزتْ لم يُجبِرْها الحاكِمُ وإنْ أَثِمتْ؛ لوُقوعِ طلاقِه في الظاهِرِ، واختَلفَ أصحابُنا في الحاكمِ إذا رَآهُما على الاجتماعِ، هل يَلزمُه التفرِقةُ بينَهما أم لا؟ على وَجهينِ:
(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٩٦، ٩٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٦٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٠٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٩٤).