ماتَا أو غابَا قبلَ أنْ يَشهدَا عندَ القاضي لم يَسَعْها أنْ تُقِيمَ معه وأنْ تدَعَه يَقربُها، فإنْ حلَفَ الزوجُ على ذلك والشُّهودُ قد ماتوا فرَدَّها القاضي عليه لا يَسَعُها المقَامُ معه، ويَنبغي لها أنْ تَفتديَ بمالِها أو تَهربَ منه، وإنْ لم تَقدرْ على ذلك قتَلَتْه متى عَلِمتْ أنه يَقربُها، ولا تُمكِّنُه مِنْ نَفسِها بوَجهٍ مِنْ الوُجوهِ؛ لأنه تَمكينٌ مِنْ الزِّنى، وكانَ إسماعيلُ الزاهِدُ ﵀ يَقولُ: تَسقيهِ ما تَنكسرُ به شَهوتُه، فإنْ لم تَقدرْ على ذلكَ قتَلَتْه إذا قصَدَها؛ لأنه لو قصَدَ أخْذَ مالِها كانَ لها أنْ تَقتلَه دَفعًا عن مالِها، فإذا قصَدَ الزِّنى بها أَولى أنْ يكونَ لها أنْ تَقتلَه دَفعًا عن نَفسِها، لكنْ يَنبغي أنْ تَقتلَه بالدَّواءِ لا بالآلةِ، فإنْ قتَلَتْه بالآلةِ يَجبُ القِصاصُ، وليسَ لها أنْ تَقتلَ نَفسَها.
وإذا هرَبَتْ منه لم يَسَعْها أنْ تَعتدَّ وتَتزوَّجَ بزَوجٍ آخَرَ في الحُكمِ، فأمَّا فيما بينَها وبينَ اللهِ تعالَى إذا هرَبَتْ فلها أنْ تَعتدَّ وتَتزوَّجَ بزوجٍ آخَرَ (١).
وقالَ المالِكيةُ: لا يَجوزُ للمُطلَّقةِ أنْ تُمكِّنَه مِنْ نَفسِها إنْ عَلِمتْ بَينونتَها منه ولا بيَّنةَ لها تُقيمُها عندَ حاكمٍ أو جَماعةِ المُسلمينَ ليُفرِّقُوا بينَهما.
ويَحرمُ عليها الزِّينةُ إلا إذا كانَتْ مُكرَهةً، والإكرَاهُ بخَوفِ مُؤلمٍ مِنْ ضَربٍ أو سِجنٍ أو قَتلٍ أو أخذِ مالٍ، وتَخلَّصتْ منه وُجوبًا بما أمكَنَ مِنْ فِداءٍ أو هُروبٍ لتَتخلَّصَ مِنْ الزِّنا، فإنْ طلَبَ منها الجِماعَ فإنه يَجبُ عليها
(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٥٢)، و «المبسوط» (١٠/ ١٨٣)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٣٦٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٢١)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ١٣١).