للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ العامَّ مُتناوِلٌ للأفرادِ وَضعًا، والمُطلَقُ لا يَتناولُ جَميعَ الأحوالِ بالوَضعِ، فتَقييدُه بالنِّيةِ أَولى مِنْ تَخصيصِ العامِّ بالنِّيةِ.

وقد قالَ صاحِبُ «المُغنِي» وغيرُه: إذا قالَ: «أنتِ طالقٌ» ونَوَى بقَلبِه مِنْ غَيرِ نُطقٍ «إنْ دخَلْتِ الدارَ، أو بعدَ شَهرٍ» أنه يُديَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى، وهل يُقبَلُ في الحُكمِ؟ على رِوايتَينِ، وقد قالَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ فيمَن حلَفَ لا يَدخلُ الدارَ وقالَ: «نَويتُ شهرًا» قُبِلَ منهُ، أو قالَ: «إذا دخَلْت دارَ فُلانٍ فأنتِ طالقٌ» ونوَى تلكَ الساعةَ أو ذلك اليَومَ قُبِلتْ نِيتُه، قالَ: والرِّوايةُ الأُخرَى لا تُقبَلُ؛ فإنه قالَ: إذا قالَ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ» ونَوَى في نفسِه «إلى سَنةٍ» تَطلُقُ، ليسَ يُنظَرُ إلى نيِّتِه، وقالَ: إذا قالَ: «أنتِ طالقٌ» وقالَ: «نَويتُ إنْ دخَلْت الدارَ» لا يُصدَّقُ، قالَ الشيخُ: ويُمكِنُ أنْ يُجمَعَ بينَ هاتَينِ الرِّوايتينِ بأنْ يُحمَلَ قولُه في القَبولِ على أنه يُديَّنُ، وقولُه في عَدمِ القَبولِ على الحُكمِ؛ فلا يَكونُ بينَهما اختلافٌ.

قالَ: والفَرقُ بينَ هذهِ الصُّورةِ والتي قبْلَها -يعني مَسألةَ «نِسائِي طَوالِقُ» وأرادَ بعضَهنَّ- أنَّ إرادةَ الخاصِّ بالعامِّ شائعٌ كثيرٌ، وإرادةَ الشرطِ مِنْ غيرِ ذِكرِه غيرُ شائعٍ، وهو قَريبٌ مِنْ الاستثناءِ، ويُمكِنُ أنْ يُقالَ: هذهِ كلمةٌ مِنْ جُملةِ التخصيصِ. انتَهى كَلامُه.

وقد تَضمَّنَ أنَّ الحالِفَ إذا أرادَ الشرطَ دُيِّنَ وقُبلَ في الحُكمِ في إحدى الرِّوايتَينِ، ولا يُفرِّقُ فَقيهٌ ولا مُحصِّلٌ بينَ الشرطِ بمَشيئةِ اللهِ حيثُ يَصحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>