للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : قالَ الشافِعيُّ: (ولو طلَّقَ بلِسانِه واستَثنَى بقَلبِه لَزمَه الطلاقُ):

وجُملةُ ذلك: أنه إذا قالَ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ» ونوَى بقَلبِه: «إنْ شاءَ اللهُ» .. لم يُقبَلْ في الحُكمِ ولا فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى؛ لأنَّ اللَّفظَ أقوَى مِنْ النِّيةِ، فلا يَجوزُ إسقاطُه بها، كما لا يَجوزُ نَسخُ الكِتابِ والسُّنةِ بالقِياسِ.

وإنْ قالَ لهَا: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا» ونوَى بقَلبِه «إلا واحِدةً» .. فلا يُقبَلُ في الحُكمِ؛ لأنه نَصَّ على الثلاثِ فلا يَسقطُ بعضُهنَّ بالنِّيةِ، كما لو نوَى: «إنْ شاءَ اللهُ»، وهل يُديَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى؟ فيهِ وَجهانِ:

[أحَدُهما]: قالَ أبو عَليٍّ الطبَريُّ: يُديَّنُ، كما لو قالَ: «نسائِي طَوالِقُ» واستَثنَى بالنِّيةِ بعضَهنَّ.

والثاني -وهو قولُ الشيخِ أبي حامِدٍ-: أنه لا يُديَّنُ؛ لأنَّ الثلاثَ لا يُعبَّرُ به عمَّا دونَه مِنْ العَددِ؛ لأنهُ اسمٌ لثَلاثةِ آحادٍ، فلا يَجوزُ إسقاطُ بعضِ ذلكَ بالنِّيةِ، بخِلافِ النِّساءِ؛ فإنه اسمٌ عامٌّ، وقد يُعبَّرُ به عَنْ الخُصوصِ.

وهكذا إنْ قالَ لأربَعِ نِسوةٍ لهُ: «أربَعُكنَّ طَوالِقُ» واستَثنَى بالنِّيةِ بعضَهنَّ .. لم يُقبَلْ في الحُكمِ، وهل يُديَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى؟ على الوجهَينِ (١).


(١) «البيان» (١٠/ ١٣٣، ١٣٤)، ويُنظَر: «المهذب» (٢/ ٨٧)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٨١، ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>