للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ للفُقهاءِ تَفصِيلًا في كلِّ مَذهبٍ، بَيانُه فيما يلي:

قالَ الحَنفيةُ: تَفويضُ الطلاقِ ثَلاثةُ أنواعٍ: تَفويضٌ وتَوكيلٌ ورسالةٌ، وألفاظُ التفويضِ ثلاثةٌ: تَخييرٌ وأمرٌ بيَدٍ ومَشيئةٌ.

فإذا قالَ لامرَأتِه: «اختارِي نفسَكِ» يَنوي بذلكَ الطلاقَ، أو قالَ لها: «طلِّقِي نفسَكِ» فلها أنْ تُطلِّقَ نفسَها ما دامَتْ في مَجلسِها ذلكَ، وإنْ تَطاولَ يَومًا أو أكثَرَ، ما لَم تَقُمْ منه أو تأخَذَ في عَملٍ آخَرَ، وكذا إذا قامَ هو مِنْ المَجلسِ فالأمرُ في يَدِها ما دامَتْ في مَجلسِها، وليسَ للزوجِ أنْ يَرجعَ في ذلكَ ولا يَنهاها عمَّا جعَلَ إليها ولا يَفسخَ.

فإنْ قامَتْ مِنْ مَجلسِها أو أخَذَتْ في عَملٍ آخَرَ قبلَ أنْ تَختارَ نفسَها خرَجَ الأمرُ مِنْ يَدِها؛ لأنها إذا قامَتْ صارَتْ مُعرِضةً، وكذا إذا اشتَغلَتْ بعَملٍ آخَرَ يُعلَمُ أنه قاطعٌ لِمَا كانَ قبلَه، كما إذا دَعَتْ بطَعامٍ لتأكُلَه أو نامَتْ أو امتشَطَتْ أو اغتسَلَتْ أو اختضَبَتْ أو جامَعَها زَوجُها أو خاطَبَتْ رَجلًا بالبيعِ أو الشراءِ، فهذا كلُّه يُبطِلُ خِيارَها.

ولها الخِيارُ ما دامَتْ في مَجلسِها، وهذا إذا لم يَكنِ الخِيارُ مُؤقَّتًا، أما إذا كانَ مُؤقَّتًا -كما إذا قالَ لها: «اختارِي نفسَكِ اليومَ أو هذا الشهرَ أو شهرًا أو سَنةً» - فلها أنْ تَختارَ ما دامَ الوقتُ باقِيًا، سواءٌ أعرَضَتْ عنِ المَجلسِ أو اشتغَلَتْ بعَملٍ آخَرَ أو لم تُعرِضْ فهو سواءٌ، ويَكونُ لها الخِيارُ في ذلكَ الوقتِ المُؤقَّتِ، وإنْ قالَ لها: «اختارِي اليومَ، أو: أمرُكِ بيَدكِ اليومَ، أو هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>