للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ لها: «أنتِ طالِقٌ حَيثُ شِئتِ، أو أينَ شَئتِ» لم تُطلَّقْ حتى تَشاءَ، وإنْ قامَتْ مِنْ مَجلسِها فلا مَشيئةَ لها؛ لأنَّ كَلمةَ «حَيثُ» و «أينَ» مِنْ أسماءِ المَكانِ، والطلاقُ لا تَعلُّقَ له بالمكانِ، فيَلغو ويَبقى ذِكرُ مُطلَقِ المَشيئةِ، فيَقتصرُ على المَجلسِ، بخلافِ الزمانِ؛ لأنَّ له تَعلُّقًا بهِ حتى تقَعُ في زَمانٍ دُونَ زمانٍ، فوجَبَ اعتِبارُه عُمومًا وخُصوصًا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو علَّقَ الزوجُ الطلاقَ بمَشيئتِها وهو مُخاطِبٌ لها كقَولِه: «أنتِ طالِقٌ إنْ، أو إذا شِئتِ، أو: إنْ، أو إذا شِئتِ فأنتِ طالِقٌ» اشتُرطَتْ مَشيئتُها لَفظًا على الفَورِ؛ لتَضمُّنِ ذلكَ لتَمليكِها الطلاقَ ك: «طلِّقِي نفسَكِ»، ولأنها استبانةٌ لرَغبتِها، فكانَ جَوابُها على الفَورِ كالقَبولِ في العُقودِ، والمرادُ بالفَورِ مَجلسُ التواجُبِ.

وقيلَ: إذا شاءَتْ في المَجلسِ طلقَتْ؛ لأنَّ حَريمَ العَقدِ يَقومُ مَقامَه كما في القَبضِ في التصرُّفِ والسَّلمِ.

وقيلَ: أيَّ وَقتٍ شاءَتْ طلقَتْ، ولا يَتقيَّدُ ذلكَ بوَقتٍ، كما لو قالَ لها: «إنْ دخَلْتِ الدارَ فأنتِ طالقٌ».

وهذا إذا علَّقَ بصِيغةِ «إنْ» أو «إذا»، أمَّا إذا قالَ: «متَى شِئتِ» فلا يُشترطُ الفَورُ.


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٤٦)، و «فتاوى السغدي» (١/ ٣٥٩)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ١٩١)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٥١٠)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٢١، ١٢٥)، و «الهداية» (١/ ٢٤٩، ٢٥٠)، و «درر الحكام» (٤/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>