قالَ الحَنفيةُ: إذا قالَ: «أنتِ طالِقٌ إنْ شِئتِ» فهو على المَجلسِ، فإنْ شاءَتْ في ذلكَ المكانِ طَلُقتْ، وإنْ قامَتْ مِنْ ذلكَ المكانِ أو نامَتْ أو اشتغَلَتْ بشيءٍ فلا مَشيئةَ لها بعدَ ذلكَ.
وإذا قالَ:«أنتِ طالِقٌ إذا شِئتِ» كانَ على الأبَدِ، وكذلك «متَى شِئتِ».
ولو قالَ لها:«أنتِ طالقٌ إذا شِئتِ، أو إذا ما شِئتِ، أو متَى شِئتِ، أو متَى ما شِئتِ» فرَدَّتِ الأمرَ لم يَكنْ رَدًّا ولم يَقتصرْ على المَجلسِ.
أمَّا كَلمةُ «مَتى» و «مَتى مَا» فلأنَّهما للوقَتِ، وهيَ عامَّةٌ في الأوقاتِ كُلِّها، كأنه قالَ:«في أيِّ وقتٍ شِئتِ»، فلا يَقتصرُ على المَجلسِ بالإجماعِ، ولو رَدَّتِ الأمرَ لم يَكنْ رَدًّا؛ لأنه ملَّكَها الطلاقَ في الوَقتِ الذي شاءَتْ، فلم يكنْ تَمليكًا قبلَ المَشيئةِ حتَّى يَرتدَّ بالردِّ، ولا تُطلِّقُ نفسَها إلا واحدةً؛ لأنها تَعمُّ الأزمانَ دونَ الأفعالِ، فتَملكُ التَّطليقَ في كلِّ زَمانٍ، ولا تَملكُ تَطليقًا بعدَ تَطليقٍ.
وأما كَلمةُ «إذا» و «إذا ما» فهُمَا و «متَى» سواءٌ وإنْ كانَ يُستعملُ للشرطِ كما يُستعملُ للوَقتِ، لكنَّ الأمرَ صارَ بيَدِها، فلا يُخرَجُ بالشكِّ.
ولو قالَ لها:«أنتِ طالقٌ كُلَّما شِئتِ» فلها أنْ تُطلِّقَ نفسَها واحدةً بعدَ واحدةٍ حتى تُطلِّقَ نفسَها ثَلاثًا؛ لأنَّ كَلمةَ «كُلَّما» تُوجِبَ تَكرارَ الأفعالِ، إلا أنَّ التعليقَ يَنصرفُ إلى المِلكِ القائِمِ، حتى لو عادَتْ إليهِ بعدَ زَوجٍ آخَرَ فطلَّقَتْ نفسَها لم يَقعْ شيءٌ؛ لأنه مِلكٌ مُستحدَثٌ، وليسَ لها أنْ تُطلِّقَ نفسَها ثلاثًا بكَلمةٍ واحِدةٍ؛ لأنها تُوجِبُ عُمومَ الانفِرادِ لا عُمومَ الاجتِماعِ، فلا تَملكُ الإيقاعَ جُملةً وجَمعًا.