والصَّحيحُ أنها لا تَقتضِيهِ؛ لأنها اسمُ زَمانٍ، فأشبَهَتْ «إذا».
وكلُّ هذهِ الأدَواتِ على التَّراخِي إذا خلَتْ مِنْ حَرفِ «لَم»، فإنْ صَحِبَتْها «لَم» كانَتْ «إنْ» على التَّراخي، وفي «إذا» وَجهانِ:
أحَدُهما: هيَ على الفَورِ؛ لأنها اسمُ زَمانٍ، فأشبَهتْ «مَتَى».
والثَّاني: على التَّراخِي؛ لأنها أُخلِصَتْ للشَّرطِ، فهي بمَعنَى «إنْ»، وإنِ احتَملَتِ الأمرَينِ لم يقَعِ الطَّلاقُ بالشَّكِ، وسائِرُ الأدَواتِ على الفَورِ؛ لأنها تَقتَضيهِ، فإذا قالَ: «إنْ لم أُطلِّقْكِ فأنتِ طالِقٌ» ولم يَنوِ وقتًا بعَينِه ولا دلَّتْ عليهِ قَرينةٌ لَم يقَعِ الطَّلاقُ إلَّا عِنْدَ قُربِه مِنهُ، وذلكَ في آخِرِ جُزءٍ مِنْ حَياةِ أحَدِهما، وإنْ قالَ: «متَى لم أُطلِّقكِ، أو أيَّ وَقتٍ لم أُطلِّقْكِ فأنتِ طالِقٌ، أو مَنْ لم أُطلِّقْها مِنْكُنَّ فهي طالِقٌ» فمضَى زَمنٌ يُمكِنُ طلاقُها ولَم يُطلِّقْها طَلُقَتْ، وإنْ قالَ: «إذا لم أُطلِّقْكِ فأنتِ طالِقٌ» فهل تَطلُقُ في الحالِ؟ أو في آخِرِ حَياةِ أحَدِهما؟ على وَجهَينِ، وإنْ قالَ: «كُلَّما لم أُطلِّقْكِ فأنتِ طالِقٌ» فمَضى زَمنٌ يُمكِنُ طلاقُها ثلاثًا ولَم يُطلِّقْها طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأنَّ مَعناهُ «كُلَّما سَكتتُّ عَنْ طلاقِكِ فأنتِ طالِقٌ» وقَد سكَتَ ثلاثَ سَكتاتٍ في ثلاثةِ أوقاتٍ (١).
وكَلامُ المالكيَّةِ لا يَخرُجُ عَنْ كلامِ سائِرِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ.
(١) «المغني» (٧/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «الكافي» (٣/ ١٩٠، ١٩١)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٦٣)، و «المبدع» (٧/ ٢٣٧، ٢٣٨)، و «الإنصاف» (٩/ ٦٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٢٨، ٣٣٠)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٤٠١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute