وهذهِ الأدَواتُ لا تَقتضِي الوُقوعَ بالوَضعِ فَورًا في المُعلَّقِ عليهِ ولا تَراخِيًا إنْ علَّقَ بمُثبَتٍ كالدُخولِ في غَيرِ خُلعٍ، أمَّا فيهِ فإنها تُفيدُ الفَوريَّةَ في بَعضِ صيَغِه ك «إنْ» و «إذا» ك: «إنْ ضَمنْتِ، أو إذا ضَمنْتِ لي ألفًا فأنتِ طالِقٌ»، وكذا تُفيدُ الفَوريَّةَ في التَّعليقِ بالمَشيئةِ نحوُ:«أنتِ طالِقٌ إنْ شِئْتِ، أو إذا شِئْتِ»؛ لأنهُ تَمليكٌ على الصَّحيحِ، بخِلافِ «متَى شِئتِ».
ولا تَقتضِي هذهِ الأدَواتُ تَكراريةً في المُعلَّقِ عليهِ، بلْ إذا وُجِدَ مرَّةً واحِدةً في غَيرِ نِسيانٍ ولا إكراهٍ انحَلَّتِ اليَمينُ ولم يُؤثِّرْ وُجودُها ثانيًا، إلَّا في «كُلَّما»؛ فإنَّ التَّعليقَ بها يُفيدُ التَّكرارَ (١).
وقالَ الحَنابلةُ: أدَواتُ الشَّرطِ المُستعمَلةُ في الطَّلاقِ والعِتاقِ سِتَّةٌ: «إنْ، ومَن، وإذا، ومتَى، وأيَّ، وكُلَّما»، وليسَ فيها ما يَقتضِي التَّكرارَ إلَّا «كُلَّما»، فإذا قالَ:«إنْ قُمتِ، أو إذا قُمتِ، أو مَتى قُمتِ، أو أيَّ وَقتٍ قُمتِ، أو مَنْ قامَ مِنْكُنَّ فهي طالِقٌ» فقامَتْ طَلُقَتْ، وإنْ تَكرَّرَ القِيامُ لم يَتكرَّرِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ اللَّفظَ لا يَقتضِي التَّكرارَ، وإنْ قالَ:«كُلَّما قُمتِ فأنتِ طالِقٌ» فقامَتْ طَلُقَتْ، وإنْ تَكرَّرَ القيامُ تَكرَّرَ الطَّلاقَ؛ لأنَّ اللَّفظَ يَقتضِي التَّكرارَ.
وقالَ أبو بكرٍ في:«مَتَى ما» يَقتضِي تَكرارَها؛ لأنها تُستعمَلُ للتَّكرارِ.
(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٠٨، ٢٠٩)، و «المهذب» (٢/ ٨٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٦١، ٥٦٢)، و «الإقناع» (٢/ ٤٤٥، ٤٤٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥١٠، ٥١١)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٤٩٧، ٤٩٩)، و «الديباج» (٣/ ٤٥٣، ٤٥٤).