فالدُّعاءُ في السُّجودِ لوجهَينِ، أحدُهُما لِهذا المعنَى.
والآخَرُ: أنَّه غايةُ حالاتِ الذُّلِ والخُضوعِ بوَضعِ أشرَفِ ما في الإنسانِ -الَّذي هو رَأسُه- في التُّرابِ، فيُوشِكُ ألَّا يُردَّ عن مَقصِدِه وأن يَصلَ إلى مَطلَبِه» (١).
وقال ابنُ المَلِكِ:«وكَأنَّ حِكمَتَه أنَّ أفضَلَ أركانِ الصَّلاةِ القيامُ، وأفضَلَ الأذكارِ القُرآنُ، فجُعل الأفضلُ لِلأفضَلِ، ونُهي عن جَعلِه في غيرِه؛ لِئلَّا يُوهِمَ استِواءَه مع بَقيَّةِ الأذكارِ».
وقِيلَ: «خُصَّتِ القِراءةُ بالقِيامِ أو القُعودِ عندَ العَجزِ عنه؛ لأنَّهما من الأفعالِ العادِيَّةِ، ويَتمحَّضانِ لِلعِبادةِ، بخِلافِ الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لأنَّهما بذَواتِهما يُخالِفانِ العادةَ، ويَدُلَّانِ على الخُضوعِ والعِبادةِ، ويُمكِنُ أن يُقالَ: إنَّ الرُّكوعَ والسُّجودَ حالَان دَالَّانِ على الذُّلِّ ويُناسِبُهما الدُّعاءُ والتَّسبيحُ،
(١) «الذَّخِيرة» (٢/ ١٨٩)، ويُنظر: ابنُ عابدِين (١/ ٥٢٣)، والطَّحاوِيُّ (١/ ١٩٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٨٢)، و «المجموع» (٣/ ٣٧٢)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٧٧)، و «المغني» (٢/ ٥٥).