للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَأَذكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كفَانِي

حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الحَيَاءُ

إِذَا أثنَى عَلَيكَ المَرءُ يَومًا

كفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ

كَرِيمٌ لَا يُغَيِّرُه صَباحٌ

عَنِ الخلُقِ الجَمِيلِ ولا مسَاءُ

فالدُّعاءُ في السُّجودِ لوجهَينِ، أحدُهُما لِهذا المعنَى.

والآخَرُ: أنَّه غايةُ حالاتِ الذُّلِ والخُضوعِ بوَضعِ أشرَفِ ما في الإنسانِ -الَّذي هو رَأسُه- في التُّرابِ، فيُوشِكُ ألَّا يُردَّ عن مَقصِدِه وأن يَصلَ إلى مَطلَبِه» (١).

وقال ابنُ المَلِكِ: «وكَأنَّ حِكمَتَه أنَّ أفضَلَ أركانِ الصَّلاةِ القيامُ، وأفضَلَ الأذكارِ القُرآنُ، فجُعل الأفضلُ لِلأفضَلِ، ونُهي عن جَعلِه في غيرِه؛ لِئلَّا يُوهِمَ استِواءَه مع بَقيَّةِ الأذكارِ».

وقِيلَ: «خُصَّتِ القِراءةُ بالقِيامِ أو القُعودِ عندَ العَجزِ عنه؛ لأنَّهما من الأفعالِ العادِيَّةِ، ويَتمحَّضانِ لِلعِبادةِ، بخِلافِ الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لأنَّهما بذَواتِهما يُخالِفانِ العادةَ، ويَدُلَّانِ على الخُضوعِ والعِبادةِ، ويُمكِنُ أن يُقالَ: إنَّ الرُّكوعَ والسُّجودَ حالَان دَالَّانِ على الذُّلِّ ويُناسِبُهما الدُّعاءُ والتَّسبيحُ،


(١) «الذَّخِيرة» (٢/ ١٨٩)، ويُنظر: ابنُ عابدِين (١/ ٥٢٣)، والطَّحاوِيُّ (١/ ١٩٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٨٢)، و «المجموع» (٣/ ٣٧٢)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٧٧)، و «المغني» (٢/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>