للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ قالَ: «قَصدْتُ تأكيدَ الثَّاني بالثَّالثِ» صَحَّ وقُبِلَ منهُ؛ لتَساوِيهما في الصِّيغةِ؛ لأنَّ الثَّالثةَ كالثَّانيةِ في لَفظِها، فإنْ قالَ: «أردْتُ بها التَّوكيدَ» دُيِّنَ ويُقبَلُ منهُ في الحُكمِ عِنْدَ الشَّافِعيةِ والحَنابلةِ في رِوايةٍ؛ لأنهُ كَرَّرَ لفْظَ الطَّلاقِ مِثلَ الأوَّلِ، فقُبِلَ تَفسيرُه بالتَّأكيدِ كما لو قالَ: «أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ».

والرِّوايَةُ الثَّانيةُ عِنْدَ الحَنابلةِ: لا يُقبَلُ؛ لأنَّ حَرفَ العَطفِ لِلمُغايَرةِ فلا يُقبَلُ ما يُخالِفُ ذَلكَ كمَا لا يُقبَلُ في الثَّانيةِ.

وإنْ أَطلَقَ ولم يَقصِدْ ولم يَنوِ شَيئًا فقَولانِ عِنْدَ الشَّافِعيةِ: أظهَرُهما: تطلقُ ثَلاثًا؛ عمَلًا بظاهِرِ اللَّفظِ.

والثَّاني: لا يَقعُ إلَّا واحِدةً؛ لأنَّ التَّأكيدَ مُحتمِلٌ، فيُؤخَذُ باليَقينِ.

وإنْ غايَرَ بيْنَ الحُروفِ فقالَ: «أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ ثمَّ طالِقٌ» أو «طالِقٌ ثمَّ طالِقٌ وطالِقٌ» أو «طالِقٌ وطالِقٌ فطالِقٌ» ونحوَ ذلكَ لم يُقبَلْ في شيءٍ مِنها إرادةُ التَّوكيدِ، لا للأُولَى ولا للثَّانيةِ في ظاهِرِ الحُكمِ عِنْدَ الشَّافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنَّ كُلَّ كَلمةٍ مُغايِرةٌ لِمَا قبْلَها مُخالِفةٌ لها في لَفظِها، والتَّوكيدُ إنَّما يكونُ بتكريرِ الأوَّلِ بصُورَتِه.

إلَّا أنَّ الشَّافِعيةَ قالوا: هذا في الظَّاهِرِ، أمَّا فيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ تعالَى فيُقبَلُ منهُ أنه أرادَ التَّوكيدَ (١).


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «المهذب» (٢/ ٨٥)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٧٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٢٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٨١، ٤٨٢)، و «المغني» (٧/ ٣٦٩)، و «الكافي» (٦/ ١٨٦، ١٨٧)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «منار السبيل» (٣/ ١٠٦، ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>