أنْ يُطلِّقَ ثلاثًا، وكُلُّ ذلكَ يبطلُ أنْ يكونَ مُبتدَأً؛ وإذا كانَ لمَجموعِه صِيغةً مَبنيَّةً فذلكَ شاهِدٌ لنا؛ لأنَّ اسمَ الصِّيغةِ إذا صَحَّ بَيانُ العَددِ المُرادِ بهِ قَولُه: «أنتِ بائِنٌ» لَفظًا؛ صحَّ بَيانُه فيهِ كقَولِه: «أنتِ بائِنٌ، وأنتِ الطَّلاقُ»، ولأنَّ كُلَّ لَفظٍ ملَكَ الطَّلاقَ لو صَرَّحَ فيهِ بالثَّلاثِ لَصَحَّ استِعمالُه فيهِ، فكذلِكَ إذا أرادَ بهِ، أصلُه: «أنتِ بائِنٌ، وأنتِ الطَّلاقُ»، ولأنَّ كلَّ لَفظٍ مَلكَتِ المَرأةُ بهِ إيقاعَ الثَّلاثِ إذا جُعِلَ إليها فإنَّ الزَّوجَ يَملِكُه، أصلُه: «أنتِ الطَّلاقُ»، ولأنَّ كُلَّ مُنحصرٍ يَملِكُ إيقاعَ الثَّلاثِ بالصَّريحِ ملَكَه بقَولِه: «أنتِ طالِقٌ البَتَّة»، أصلُه المَرأةُ إذا وَكلَّها الزَّوجُ (١).
قالَ الإمامَ الماوَرديُّ ﵀: إذا نَوَى بصَريحِ الطَّلاقِ ثلاثًا فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» ونَوَى الثَّلاثَ كانَتْ ثَلاثًا، ولو نَوَى اثنتَينِ كانَتِ اثنتَينِ، فيُحمَلُ صَريحُ الطَّلاقِ على ما نَوَى مِنْ عَددِه … دَليلُنا أنَّ قولَهُ: «أنتِ طالِقٌ» عِنْدَ أهلِ العَربيَّةِ اسمُ فاعِلٍ؛ لأنهم يَقولونَ: «طُلِّقَتْ فهيَ طالِقٌ» كما قالوا: «حاضَتْ فهيَ حائِضٌ، وضَرَبَتْ فهيَ ضارِبٌ»، واسمُ الفاعِلِ يَحتمِلُ
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤١٦، ٤١٨) رقم (١٢٣٧)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٦٢، ١٦٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٧٥، ٣٧٦)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥١٧، ٥١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٧٨، ٤٧٩)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٤٠٩، ٤١٠)، و «الإفصاح» (٢/ ١٧٣)، و «المغني» (٧/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٨٠)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٣)، و «الإنصاف» (٩/ ٨، ٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute