للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطِلٌ»، فكرَّرَها ثلاثًا، فكانَ ذلكَ منهُ مَحمولًا على التَّأكيدِ دُونَ الاستِئنافِ.

وقالَ : «واللهِ لَأغزُوَنَّ قُرَيشًا، واللهِ لَأغزُوَنَّ قُرَيشًا، واللهِ لَأغزُوَنَّ قُرَيشًا»، فكانَ تكرَارُه لذلكَ مَحمولًا على التَّأكيدِ دُونَ الاستِئنافِ؛ لأنهُ لَم يَغزُها بعْدَ هذهِ اليَمينِ إلَّا مرَّةً واحدةً، هذا لِسانُ العرَبِ وعادَتُهم، فوجَبَ أنْ يكونَ تَكرارُ لَفظِ الطَّلاقِ مَحمولًا عليهِ، ولأنهُ لو كرَّرَ الإقرارَ لَمَا تَضاعَفَ بهِ الحقُّ، كذلكَ الطَّلاقُ؛ لأنهُ لو قالَ: «لهُ عليَّ دِرهمٌ، لهُ عليَّ دِرهمٌ، لهُ عليَّ دِرهمٌ» لم يَلزمُه إلَّا دِرهمٌ واحدٌ، ويكونُ التَّكرارُ مَحمولًا على التَّأكيدِ، فكذلكَ الطَّلاقُ.

لكنْ يُشتَرطُ الاتِّصالُ عِنْدَ الجُمهورِ، فلو قالَ: «أنتِ طالِقٌ» ثمَّ مضَى زمَنٌ ثمَّ أعادَ ذلكَ لها طلقَتْ ثانيةً، ولَم يُقبَلْ منهُ أنهُ أرادَ التَّأكيدَ؛ لأنهُ تابعٌ للكَلامِ، فقُبِلَ مُتَّصلًا كسائرِ التَّوابعِ مِنَ العَطفِ والصِّفةِ والبَدلِ.

وكذا لو قالَ: «أنتِ مُطلَّقةٌ، أنتِ مُسرَّحةٌ، أنتِ مُفارَقةٌ» فهوَ كقَولِه: «أنتِ طالِق أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ»، على الأصحِّ عِنْدَ الشَّافعيةِ.

وقيلَ: تَقعُ الثَّلاثةُ قَطعًا (١).


(١) يُنظر: «القوانين الفقهية» ص (١٥٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٧١، ٧٢)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٧٨، ٢٧٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٥٠)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٦٨، ١٦٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٧٨)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢١٩)، و «المهذب» (٢/ ٨٥)، و «البيان» (١٠/ ١١٦)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٧٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٨٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٢٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٨٠)، و «الإفصاح» (٢/ ١٧٧، ١٧٨)، و «المغني» (٧/ ٣٦٧)، و «المبدع» (٧/ ٣٠١)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٠٥)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>