للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معًا تَحريمٌ لفَرْجَينِ لم يَقعْ بواحدٍ مِنهُما طلاقٌ، ولو قالَ: «كلُّ ما أَملِكُ عليَّ حَرامٌ» -يَعني امرأتَه وجَوارِيه ومالَهُ- كفَّرَ عَنِ المرأةِ والجَوارِي كفَّارةً كفَّارةً إذا لمْ يُرِدْ طلاقَ المَرأةِ، ولو قالَ: «مَالي عليَّ حَرامٌ» لا يُريدُ امرَأتَه ولا جَوارِيه لَم يكنْ عليهِ كفَّارةٌ، ولم يَحرُمْ عليهِ مالُهُ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ في المذهَبِ إلى أنَّ مَنْ قالَ لزَوجتِهِ: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» أنَّه يكونُ ظِهارًا تَجبُ بهِ كفَّارةُ الظِّهارِ، نوَى ذلكَ أو لَم يَنوِ؛ لأنهُ تَحريمٌ للزَّوجةِ بغَيرِ طلاقٍ، فوَجبَتْ بهِ كفَّارةُ الظِّهارِ، كما لَو قالَ: «أنتِ عليَّ حَرامٌ كظَهْرِ أمِّي»؛ وذلكَ لأنَّ اللهَ جعَلَ التَّشبيهَ بمَن تَحرُمُ عليهِ ظِهارًا، فالتَّصريحُ مِنهُ بالتَّحريمِ أَولى، يُؤيِّدُه أنَّ اللهَ لَم يَجعلِ التَّحريمَ والتَّحليلَ إليهِ، فإذا قالَ: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي، أو أنتِ عليَّ حَرامٌ» فقَد قالَ المُنكَرَ مِنْ الزَّورِ وكَذَبَ على اللهِ، وقَد أوجَبَ أغلَظَ الكفَّارتَينِ عليهِ، وهيَ كفَّارةُ الظِّهارِ.

قالَ عَبدُ اللهِ بنُ أحمَدَ بنِ حَنبلٍ: سَألتُ أبي عَنْ رَجلٍ قالَ لامرأتِه: «أنتِ عَليَّ حَرامٌ» ونوَى الطَّلاقَ، قالَ: لا يكونُ طَلاقًا، نَوى أو لَم يَنوِ، قيلَ: فيهِ كفَّارةُ الظِّهارِ (٢).


(١) «الأم» (٥/ ٢٦٢)، ويُنظر: «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٨٢، ١٨٣)، و «المهذب» (٢/ ٨٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٧٣، ٧٤)، و «الأوسط» (٩/ ١٨٨، ١٩٥)، و «الإشراف» (٥/ ٢٠٠، ٢٠٢).
(٢) «مسائل عبد الله ابن الإمام أحمد» (١/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>