للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ قالَ: قالَ النَّبيُّ : «إذا تَثَاءَبَ أحَدُكم في الصَّلاةِ فَليَكظِم ما استَطَاعَ؛ فإنَّ الشَّيطَانَ يَدخلُ» (١).

والأدَبُ أن يَكظِمَه ما استَطاعَ، أي: أن يَرُدَّه، وليَحبِسهُ؛ لمَا رَوَينا، فإن لم يقدِر؛ فليَضَع يَده أو كُمَّه على فيه، ووَضعُ اليَدِ ثابِتٌ في صَحِيحِ مُسلِمٍ، ووَضعُ الكُمِّ يَكونُ قِياسًا عليه.

وفي رِوايةٍ: «العُطاسُ مِنْ اللَّهِ، والتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيطَانِ، فإذا تَثَاءَبَ أحَدُكم فليَضَع يَدهُ على فيه، وإذا قالَ: آه آه؛ فإنَّ الشَّيطَانَ يَضحَكُ مِنْ جَوفِه، وإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطاسَ، ويَكرَهُ التّثَاؤُبَ، فإذا قالَ الرَّجلُ: آه آه، إذا تَثَاءَبَ، فإنَّ الشَّيطَانَ يَضحَكُ في جَوفِه» (٢).

فقولُه: «يُحِبُّ العُطاسَ، ويَكرَهُ التَّثاؤُبَ»؛ إنَّما ذلك لأنَّ العُطاسَ إنَّما يَكونُ مع انفِتاحِ المَسَامِّ، وخِفَّةِ البَدنِ، وتَيَسُّرِ الحَركاتِ، وسَببُ هذه الأُمورِ: تَخفيفُ الغِذاءِ، والإقلالُ مِنْ الطَّعامِ، والقَناعةُ باليَسيرِ منه، والتَّثاؤُبُ إنَّما يَكونُ مع ثِقلِ البَدنِ، وامتِلائِه، واستِرخائِه لِلنَّومِ، ومَيلِه إلى الكَسَلِ، فصارَ العُطاسُ مَحمودًا؛ لأنَّه يُعينُ على الطَّاعاتِ، وصَارَ التَّثاؤُبُ مَذمومًا؛ لأنَّه يُثَبِّطُه عنها، ويُكَسِّلُه عن الخَيراتِ (٣).

قالَ ابنُ العَربيِّ : يَنبَغي كَظمُ التَّثاؤُبِ في كلِّ حالةٍ، وإنَّما خصَّ


(١) رَواه مُسلِم (٢٩٩٥).
(٢) حَسَنٌ صَحِيحٌ: رَواه التِّرمذي (٢٧٤٦).
(٣) «جامع الأُصول» (٦/ ٦٢٣، ٦٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>