للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنيا والآخِرَةِ، وأَبرأَكِ اللهُ- الحُكمُ فيها سَواءٌ، ونَظيرُ ذلكَ «إنَّ اللهَ قَدْ باعَك» في إيجابِ البَيعِ، أو «قَدْ أقالَكَ» في الإقالةِ، ونحوُ ذلكَ ك «إنَّ اللهَ قد أَجَّرَكَ، أو وَهبَكَ» والبَراءةُ فيما تقدَّمَ صَحيحةُ ولَو جَهِلَتْ ما أبرأت مِنه.

والكِنايةُ -ولو ظاهِرةً- لا يَقعُ بها طلاقٌ إلَّا أنْ يَنوِيهِ؛ لأنَّ الكِنايةَ لمَّا قَصُرَتْ رُتبتُها عَنْ الصَّريحِ وُقِفَ عَملُها على نيَّةِ الطَّلاقِ تَقويةً لها، ولأنها لفظٌ يَحتمِلُ غيرَ معنَى الطَّلاقِ، فلا يَتعيَّنُ لهُ بدُونِ النِّيةِ.

ويُشتَرطُ أنْ تكونَ النيَّةُ مُقارِنةً للَفظِ الكِنايةِ، فلو تَلفَّظَ بالكِنايةِ ثمَّ نوَى بها الطَّلاقَ بعْدَ ذلكَ لم يقَعْ، كما لو نَوى الطَّهارةَ بالغُسلِ قبْلَ فَراغِه مِنهُ. وقيلَ: يُعتبَرُ أنْ تُقارِنَ أوَّلَه.

فلو قارنَتِ الجُزءَ الثَّاني مِنَ الكِنايةِ دُونَ الأوَّلِ لم يَقعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ ما بقيَ لا يَصلُحُ للإيقاعِ بعْدَ إتيانِه بالجُزءِ الأوَّلِ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ.

وإنْ وُجدَتْ في أوَّلِه وعَزُبَت عَنهُ في سائِرِه وَقعَ.

أو يأتي معَ الكِنايةِ بما يَقومُ مَقامَ نيَّةِ الطَّلاقِ، كحالِ خُصومةٍ وغَضبٍ وجَوابِ سُؤالِها الطَّلاقَ، فيَقعُ الطَّلاقُ ممَّن أتى بكنايةٍ إِذَنْ ولو بلا نيَّةٍ؛ لأنَّ دَلالةَ الحالِ كالنِّيةِ، بدَليلِ أنها تُغيِّرُ حُكمَ الأقوالِ والأفعالِ، فإنَّ مَنْ قالَ: «يا عَفيفَ ابنَ العَفيفِ» حالَ تَعظِيمهِ كانَ مَدحًا، ولو قالَ حالَ الشَّتمِ كانَ ذمًّا وقَذْفًا.

فلوِ ادَّعى في هذهِ الأحوالِ -أي: حالَ الخَصومَةِ والغَضبِ وسُؤالِها

<<  <  ج: ص:  >  >>