للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلاقًا؟ أم تَخيَّر فما اختارَهُ مِنهُما ثبَتَ؟ فيهِ أوجُهٌ أصَحُّها الثَّالثُ، ولا يَنعقِدُ الاثنانِ معًا قَطعًا؛ لأنَّ الطَّلاقَ يُزيلُ النِّكاحَ، والظِّهارُ يَستَدعِي بقاءَهُ.

أو نوَى بذلكَ تَحريمَ عَيْنِها أو فَرجِها أو وَطئِها أو رأسِها لم تَحرُمْ عليهِ، وإنْ كُرِهَ لهُ ذلكَ؛ لمَا رَوَى النَّسائِيُّ «أنَّ رَجلًا سألَ ابنَ عبَّاسٍ قالَ: إنِّي جَعلْتُ امرَأتي عليَّ حَرامًا، فقالَ: كَذبْتَ ليسَتْ عليكَ بحَرامٍ، ثمَّ قرَأَ قولَه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ الآيَة»، ولكنْ عَليهِ كفَّارَةُ يمينٍ -أي مِثلُها-؛ لأنَّ ذلكَ ليسَ بيَمينٍ؛ لأنَّ اليَمينَ إنَّما تَنعقِدُ باسِمٍ مِنْ أسمائِه تعالَى أو صفةٍ مِنْ صِفاتِه، ولا يَتوقَّفُ وُجوبُها على الوَطءِ، كما لو قالَ ذلكَ لأَمَتِه؛ أخذًا مِنْ قِصَّةِ مارِيةَ لمَّا قالَ لها رَسولُ اللهِ : «هيَ عليَّ حَرامٌ نزَلَ قَولُه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى قَولِه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾» أي: أوجَبَ عليكُم كفَّارةً ككفَّارةِ أيْمانِكُم.

وكذا لا تَحرُمُ عليهِ وإنْ كُرِهَ لهُ ذلكَ، وعليهِ كفَّارةُ يَمينٍ في الحالِ أي مِثلُها كما مرَّ، وهذا إنْ لم تكنْ لهُ نيَّةٌ في قَولِه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» في الأظهَرِ؛ لعُمومِ ما مَرَّ.

والثَّاني: أنَّ هذا القولَ لَغوٌ فلا كفَّارةَ عليهِ فيهِ.

الكِنايةُ لا تَعمَلُ بنَفسِها، بلْ لا بُدَّ فيها مِنْ نيَّةِ الطَّلاقِ، وتَقتَرنُ النِّيةُ باللَّفظِ، فلو تَقدَّمتْ ثمَّ تَلفَّظَ بلا نيَّةِ أو فرَغَ مِنْ اللَّفظِ ثمَّ نوَى لم تُطلَّقْ، فلوِ اقتَرنَتْ بأوَّلِ اللَّفظِ دُونَ آخرِه أو عَكسُه طُلِّقَتْ على الأصحِّ، ولا تَلتحِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>