لمَّا خرَجَتْ جَوابًا لسُؤالِها الطَّلاقَ كانَ ذلكَ طلاقًا في الظَّاهِرِ، وإنَّما لم يَقعْ فيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ تعالَى؛ لأنهُ يَحتمِلُ أنْ يكونَ جَوابًا لها، ويَحتملُ أنْ يكونَ ابتَداءً، فلا يَقعُ إلَّا بالنِّيةِ.
وإنْ لم يكونَا في مُذاكَرةِ الطَّلاقِ وكانَا في غضَبٍ أو خُصومةٍ وقَعَ الطَّلاقُ بكلِّ لَفظةٍ لا يَقصِدُ بها السَّبَّ والشَّتيمةَ، مِثلَ: اعتَدِّي، اختارِي، أمرُكِ بيَدكِ؛ لأنَّ هذهِ الألفاظَ لا تَصلُحُ للشَّتيمَةِ، بل تَحتمِلُ الفُرقةَ، وحالُ الغَضبِ حالُ الفُرقةِ، فالظَّاهِرُ مِنْ كَلامِهِ الفُرقةُ.
فحاصِلُه أنَّ الكِناياتِ ثلاثةُ أقسامٍ: كِناياتٌ ومَدلُولاتٌ وتَفويضاتٌ.
فالكِناياتُ: أنتِ حَرامٌ، وبائِنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وخَليَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، واعتَدِّي، واستَبْرِئي رَحِمَك، فإنْ تكلَّمَ بها في مُذاكَرةِ الطَّلاقِ وقالَ: «لم أُرِدْ بهِ الطَّلاقَ» لم يُصدَّقْ، وإنْ تكلَّمَ بها في حالةِ الرِّضا إنْ نَوَى بها الطَّلاقُ وقَعَ، وإلَّا فلا، ويُصدَّقُ أنهُ لم يَنوِ الطَّلاقَ، وإنْ تَكلَّمَ بها في حالَةِ الغَصبِ صُدِّقَ في خَمسةِ ألفاظٍ أنهُ لم يُرِدْ بها الطَّلاقَ، وهي: أنتِ حَرامٌ وبائِنٌ وبَتَّةٌ وخَليَّةٌ وبَرِيَّةٌ؛ لأنَّ هذهِ تَصلُحُ للشَّتيمةِ، يَحتملُ بائِنٌ مِنَ الدَّينِ، وبتَّةٌ مِنَ المُروءَةِ، وخَليَّةٌ مِنَ الخَيرِ، وبَرِيَّةٌ مِنَ الإسلامِ، وحَرامٌ الاجتِماعُ معكِ، والحالُ حالُ الشَّتيمةِ، فالظَّاهرُ أنه أرادَها ولَم يُرِدِ الطَّلاقِ.
والمَدلولاتُ: اذهَبِي وقُومِي واستَتِرِي وتَقنَّعِي واخرُجِي والحقِي بأهلِكِ وحَبْلُكِ على غارِبكِ ولا نِكاحَ بيْنِي وبيْنَكِ وأشباهُ ذلكَ، فإنْ نَوَى بها الطَّلاقَ وقَعَ بائِنًا، وإنْ نَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute