ولو قالَ:«لَستِ لي امرأةً» أو قالَ: «ما أنتِ لي بامرأةٍ» كانَ طلاقًا عِنْدَ أبي حَنيفةَ، وكذا «ما أنا بزَوجِكِ»، أو سُئِلَ: هل لكَ امرأةٌ؟ فقالَ:«لا» فإنهُ إنْ نَوَى الطَّلاقَ كانَ طلاقًا عِنْدَ أبي حَنيفةَ.
وقالَ أبو يُوسفَ ومُحمدٌ: لا يكونُ شيءٌ مِنْ ذلكَ طلاقًا، نَوَى أو لم يَنوِ؛ لأنَّ نفْيَ الزَّوجيةِ كَذبٌ، فلا يَقعُ بهِ شيءٌ، كقَولِه: لم أتزوَّجْكِ، وقدِ اتَّفقُوا جَميعًا على أنَّه لو قالَ: واللهِ ما أنتِ لي بامرأةٍ، أو لستِ واللهِ لي بامرأةٍ» أنهُ لا يَقعُ بهِ شيءٌ وإنْ نَوَى؛ لأنَّ اليَمينَ على النَّفِي يَتناولُ الماضي، وهوَ كاذِبٌ فيهِ فلا يَقعُ شيءٌ، ولأنهُ لمَّا أكَّدَ النَّفيَ باليَمينِ صارَ ذلكَ إخبارًا لا إيقاعًا؛ لأنَّ اليَمينَ لا يُؤكَّدُ بها إلَّا الخبَرُ، والخبَرُ لا يَقعُ بهِ الطَّلاقُ، ألَا تَرَى أنهُ لو قالَ:«كُنْتُ طلَّقتُكِ أمسِ» لم يَقعْ بذلكَ شيءٌ إذا لم يَكنْ طلَّقَها أمسِ؟!
ولو قالَ:«لا حاجَةَ لي فيكِ» يَنوِي الطَّلاقَ فليسَ بطلاقٍ، ولو قالَ:«أفلِحِي، أو فَسخْتُ النِّكاحَ بَيني وبَينَكِ» يَنوِي الطَّلاقَ كانَ طلاقًا.
فإنْ لم يكنْ لهُ نيَّةٌ لم يَقعْ بهذه الألفاظِ السَّابقةِ طلاقٌ، إلَّا أنْ يكونَا في مُذاكَرةِ الطَّلاقِ، وهوَ أنْ تُطالِبَه بالطَّلاقِ أو تُطالِبَه بطلاقِ غيرِها، فيقَعُ بها الطَّلاقُ في القَضاءِ ولا يَقعُ فيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ تعالَى إلَّا أنْ يَنويَه، أمَّا إذا كانَا في مُذاكَرةِ الطَّلاقِ فإنهُ يقَعُ بكلِّ لَفظةٍ تَدلُّ على الفُرقةِ، كقَولِه: أنتِ حَرامٌ وأمرُكِ بيَدكِ واختارِي واعتَدِّي وأنتِ خَليَّةٌ وبَريَّةٌ وبائِنٌ؛ لأنَّ هذهِ الألفاظَ