بكرٍ في قَولِه: «أنتِ مُطلَّقةٌ» أنهُ إنْ نَوَى أنَّها مُطلَّقةٌ طلاقًا ماضِيًا أو مِنْ زَوجٍ كانَ قبْلَه لم يكنْ عليهِ شيءٌ إنْ لم يَنوِ شيئًا، فعلى قولَينِ:
أحدُهُما: يَقعُ، والثَّاني: لا يَقعُ، وهذا مِنْ قَولِه يَقتضِي أنْ تكونَ هذهِ اللَّفظةُ غَيرَ صَريحةٍ في أحَدِ القولَينِ.
قالَ القاضي: والمَنصوصُ عن أحمَدَ أنهُ صَريحٌ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ هذهِ مُتصرِّفةٌ مِنْ لَفظِ الطَّلاقِ فكانَتْ صَريحةً فيهِ كقَولِه: أنتِ طالِقٌ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: واتَّفقَ الجُمهورُ على أنَّ ألفاظِ الطَّلاقِ المُطلَقةَ صِنفانِ: صَريحٌ وكِنايةٌ.
واختَلفُوا في تَفصيلِ الصَّريحِ مِنَ الكِنايةِ وفي أحكامِها وما يَلزمُ فيها، ونحنُ إنَّما قصَدَنا مِنْ ذلكَ ذكْرَ المَشهورِ وما يَجري مَجرَى الأصُولِ، فقالَ مالِكٌ وأصحابُه: الصَّريحُ هوَ لفْظُ الطَّلاقِ فقَطْ، وما عدَا ذلكَ كِنايةٌ، وهيَ عِندهُ على ضَربَينِ: ظاهِرةٌ ومَحمولةٌ، وبهِ قالَ أبو حَنيفةَ.
وقالَ الشَّافعيُّ: ألفاظُ الطَّلاقِ الصَّريحةُ ثلاثٌ: الطَّلاقُ والفِراقُ والسَّراحُ، وهيَ المَذكورةُ في القُرآنِ، وقالَ بعضُ أهلِ الظَّاهِرِ: لا يَقعُ طَلاقٌ إلَّا بهذهِ الثَّلاثِ.
(١) «المغني» (٧/ ٢٩٤، ٢٩٥)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٥٣)، و «الشرح الكبير» (٨/ ٢٧٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٤٦٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٨٢، ٣٨٣)، و «منار السبيل» (٣/ ٩٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute