للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَن جعَلَه صَريحًا أوقَعَ بهِ الطَّلاقَ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ، ومَن لَم يَجعَلْه صَريحًا لَم يُوقِعْ بهِ الطَّلاقَ حتَّى يَنويَهُ، ويكونُ بمَنزلةِ الكِناياتِ الخفيَّةِ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديٌّ : اعلَمْ أنهُ لا يَخلُو حالُ مَنْ تَلفَّظَ بصَريحِ الطَّلاقِ مِنْ أربعةِ أقسامٍ:

أحدُها: أنْ يَقصِدَ اللَّفظَ ويَنويَ الفُرقةَ، فيَقعُ بهِ الطَّلاقُ إجماعًا إذا كانَ المُتلفِّظُ مِنْ أهلِ الطَّلاقِ.

والقِسمُ الثَّاني: أنْ يَقصِدَ اللَّفظَ ولا يَنوِي الفُرقةَ، فيَقعُ بهِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ الصَّريحَ لا يَفتقِرُ إلى نيَّةٍ، وهوَ قولُ جُمهورِ الفُقهاءِ، وقالَ داودُ: لا يَقعُ بهِ الطَّلاقُ إلَّا مع النِّيةِّ استِدلالًا بقَولِ النَّبيِّ : «وإنَّما لكلِّ امرِئٍ ما نَوَى»، وهذا خَطأٌ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «ثلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والعِتاقُ»، ولأنَّ الفُرقةَ تقَعُ بالفَسخِ تارةً وبالطَّلاقِ أُخرَى، فلمَّا لم يَفتقِرِ الفسخُ إلى النِّيةِ لَم يَفتقرِ الطَّلاقُ إليها، ولأنه لمَّا لَم يَفتقِرْ صَريحُ العِتقِ إلى النِّيةِ لَم يَفتقِرْ صَريحُ الطَّلاقِ إلى النِّيةِ، ولأنه قدِ افتَرقَ في الطَّلاقِ حُكمُ الصَّريحِ والكِنايةِ، فلوِ افتَقرَ الصَّريحُ إلى النِّيةِ لَصارَ جَميعُه كِنايةً، وإذا كانَ كذلكَ فقَدْ وَقعَ الطَّلاقُ معَ عدمِ النِّيةِ ظاهِرًا وباطِنًا … (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ مُفلِحٍ : فمَتى أتَى بصَريحِ الطَّلاقِ وقَعَ، نَواهُ أو


(١) «المغني» (٧/ ٣٠٣)، ويُنظر: «منار السبيل» (٣/ ٩٤).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٥٣، ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>