للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كَورِ العِمامةِ مِنْ حيثُ الجُملةُ، وقَيَّدوا الكَراهةَ بما إذا كانَ السُّجودُ على كَورِ العِمامةِ بدُونِ عُذرٍ مِنْ حَرٍّ أو بَردٍ أو مرَضٍ.

قالَ البُهوتِيُّ : لِيَخرُج مِنْ الخِلافِ ويَأتِ بالعَزيمةِ.

ودَليلُ ذلك حَديثُ أنَس بنِ مالِكٍ قالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مع النَّبيِّ في شِدَّةِ الحَرِّ، فإذا لم يَستَطِع أَحدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجهَهُ مِنْ الأرضِ، بَسَطَ ثَوبَه فَسجدَ عليه» (١).

وذكرَ البُخارِيُّ في صَحِيحِه قالَ الحَسنُ: «كانَ القَومُ يَسجُدُونَ على العِمَامَةِ وَالقَلَنسُوَةِ» (٢). فدلَّ ذلك على الصِّحَّةِ، وإنَّما كُرِهَ لمَا فيه مِنْ تَركِ نِهايةِ التَّعظيمِ، ولأنَّه عُضوٌ مِنْ أعضاءِ السُّجودِ، فجازَ السُّجودُ على حائِلِه، كالقَدمَينِ.

والكَراهةُ عندَ الحَنفيَّةِ تَنزيهيَّةٌ، وشرَطَ الحَنفيةُ لِصحَّةِ السُّجودِ على الكَورِ كَونَ الكَورِ على الجَبهةِ، أو بعضِها، أمَّا إذا كانَ على الرَّأسِ فَقط، وسجدَ عليه، ولم تُصِب جَبهتُه الأرضَ -على القولِ بتَعَيُّنِها- ولا أنفُه -على القولِ بعدمِ تَعَيُّنِها- فإنَّ الصَّلاةَ لا تَصحُّ؛ لِعدمِ السُّجودِ على مَحَلِّه. قالَ العلَّامةُ ابنُ أميرِ حاجٍّ: وكَثيرٌ مِنْ العَوامِّ يَتساهَلُ في ذلك، ويَظُنُّ الجَوازَ.

وقالَ المالِكيَّةُ: إن كانَ كَورُ العِمامةِ طاقَةً أو طاقَتَينِ مثلَ الثِّيابِ التي تَستُرُ الرُّكَبَ والقَدمَينِ فلا بَأسَ، وإن كانَ الكَورُ أكثرَ مِنْ الطَّاقتَينِ والحالُ


(١) رَواه البخاري (١١٥٠)، ومُسلِم (٦٢٠).
(٢) البخاري (١/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>