للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالِقٌ» ولا يَدَ لها، أو «إنْ قُمْت فهي طالِقٌ» فقامَتْ وقَد قُطِعَتْ فوَجهانِ، بناءً على أنهُ هل هوَ بطَريقِ السِّرايةِ أو بطَريقِ التَّعبيرِ بالبَعضِ عَنِ الكُلِّ؟

وإنْ قالَ: «شَعرُكِ أو ظُفرُكِ أو سِنُّكِ طالِقٌ» لم تُطلَّقْ، نَصَّ عليهِ؛ لأنَّها تَزولُ ويَخرُجُ عِوَضُها في الشَّعرِ، ولأنَّهُ لا رُوحَ فيهِ ولا يَنتَقضُ الوُضوءُ بمَسِّهِ، أشبَهَ العرَقَ، وقيلَ: تُطلَّقُ، وهوَ قولُ الحسَنِ وغيرِه؛ لأنهُ جُزءٌ يُستباحُ بنكاحِها، فتُطلَّقُ بهِ كالإصبَعِ، وجَوابُهُ بأنهُ جُزءٌ يَنفصِلُ عَنها في حالِ السَّلامةِ، بخِلافِ الإصبَعِ.

وإنْ أضافَهُ إلى الرِّيقِ والدَّمعِ والعرَقِ والحمْلِ لم تُطلَّقْ بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُه؛ لأنهُ ليسَ مِنْ ذاتِها، وإنَّما هوَ مُجاوِرٌ لها، والحَمْلُ -وإنْ كانَ مُتَّصِلًا بها- فمَآلُه إلى الانفِصالٍ وهوَ مُودَعٌ فيها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾، قيلَ: هوَ مُستودَعٌ في بَطنِ الأمِّ.

وإنْ قالَ: «رُوحُكِ طالِقٌ» طُلِّقَتْ؛ لأنَّ الجُملةَ لا تَبقَى بعَدمِ مُزايِلِها، أشبَهَ الحَياةَ والدَّمَ.

وقالَ أبو بكرٍ: لا تُطلَّقُ، قالَ أبو بكرٍ: لا يَختَلفُ قولُ أحمَدَ أنَّه لا يَقعُ طلاقٌ وعِتقٌ وظِهارٌ وحَرامُ بذِكرِ الشَّعرِ والظُّفرِ والسِّنِّ والرُّوحِ، فبذلكَ أقولُ، ولأنَّها ليسَتْ عُضوًا ولا شيئًا يُستَمتعُ بهِ، وحَكَى في «المُستَوعِب» عَنْ أحمَدَ التَّوقُّفَ عنها (١).


(١) «المغني» (٧/ ٣٧٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٨١)، و «المبدع» (٧/ ٣٠٠، ٣٠١)، و «الإنصاف» (٩/ ١٧، ١٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>