للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقعُ الطَّلاقُ؛ لأنَّ هذهِ الأعضاءَ يُعبَّرُ بها عَنْ جَميعِ البَدنِ، يقالُ: فُلانٌ يَملكُ كذا وكذا رأسًا مِنَ الرَّقيقِ، وكذا وكذا رَقبةً، وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾، والمُرادُ بها الجُملةُ، وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤)﴾، وفي الخبَرِ: «لَعَنَ اللهُ الفُرُوجَ على السُّروجِ»، والوَجهُ يُذكَرُ ويُرادُ بهِ الذَّاتُ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾، أي إلَّا هُوَ، ومَن كفلَ بوَجهِ فُلانٍ يَصيرُ كَفيلًا بنَفسِه، فيَثبتُ أنَّ هذهِ الأعضاءَ يُعبَّرُ بها عَنْ جَميعِ البدَنِ، فكانَ ذِكْرُها ذِكرًا للبَدنِ، كأنهُ قالَ: «أنتِ طالِقٌ»، وكذا إذا أضافَ إلى وَجهِها؛ لأنَّ قَوامَ النَّفسِ بها، ولأنَّ الرُّوحَ تُسمَّى نَفْسًا، قالَ اللهُ : ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾.

ولا خِلافَ أيضًا في أنهُ إذا أضافَ الطَّلاقَ إلى جُزءٍ شائِعٍ منها بأنْ قالَ: «نِصفُكِ طالِقٌ، أو ثُلثُكِ طالِقٌ، أو رُبعُكِ طالِقٌ، أو جُزءٌ مِنكِ» أنهُ يقَعُ الطَّلاقُ؛ لأنَّ الجُزءَ الشَّائعَ مَحلٌّ للنِّكاحِ، حتَّى تَصحُّ إضافةُ النِّكاحِ إليهِ، فيكونُ مَحلًّا للطَّلاقِ، ولأنَّ الإضافةَ إلى الجُزءِ الشَّائعِ تَقتضِي ثُبوتَ حُكمِ الطَّلاقِ فيهِ، وأنهُ شائِعٌ في جُملةِ الأجزاءِ؛ بعُذرِ الاستِمتاعِ بجَميعِ البَدنِ؛ لِمَا في الاستِمتاعِ بهِ استِمتاعٌ بالجُزءِ الحَرامِ، فلم يكنْ في إبقاءِ النِّكاحِ فائدةٌ، فيَزولُ ضَرورةً.

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لو أضافَ الطَّلاقَ إلى جُزءٍ مُعيَّنٍ مِنْ بَدنِها لا يُعبَّرُ بهِ عَنْ جَميعِ البَدنِ كاليَدِ والرِّجلِ والأصبعِ ونَحوِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>