للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرادَ الاستِمتاعَ بها أنْ يُطلِّقَها ثلاثًا لتَستَبيحَ نِكاحَ غَيرِه بيَقينٍ، فإنْ كانَ قدْ وطِئَها مِنْ قبْلُ لم يَقعْ هذا الطَّلاقُ، وإنْ لمْ يَكنْ قد طَلَّقَها مِنْ قَبلُ وقَعَ هذا الطَّلاقُ وحلَّتْ لهُ لزَوجٍ بعْدَهُ، فإذا استَحلَّتْ بزَوجٍ حلَّتْ لهُ أنْ يَنكِحَها ثمَّ هيَ مُستَباحةٌ بيَقينٍ، هذا في الوَرعِ، وإنْ لم يَلزَمْه في الحُكمِ أنْ يَرتَجِعَ إذا شَكَّ في الواحدةِ ولا أنْ يَعتزِلَ أو يُطلِّقَ باليقينِ في أصلِ النِّكاحِ واستِدامةِ إباحَتهِ (١).

وهكذا قالَ ابنُ قُدامةَ : والورَعُ التِزامُ الطَّلاقِ، فإنْ كانَ المَشكوكُ فيهِ طلاقًا رَجعيًّا راجَعَ امرأتَهُ إنْ كانَتْ مَدخولًا بها، أو جدَّدَ نِكاحَها إنْ كانَتْ غيرَ مَدخولٍ بها أو قَدْ انقَضَتْ عِدَّتُها، وإنْ شَكَّ في طلاقِ ثلاثٍ طلَّقَها واحدةً وترَكَها؛ لأنهُ إذا لَم يُطلِّقْها فيَقينُ نِكاحِه باقٍ فلا تَحِلُّ لغَيرِه.

وحُكيَ عَنْ شَريكٍ أنهُ إذا شَكَّ في طلاقِهِ طلَّقَها واحدةً ثمَّ راجَعَها؛ لتكونَ الرَّجعَةُ عَنْ طلقَةٍ فتكونَ صَحيحةً في الحُكمِ، وليسَ بشَيءٍ؛ لأنَّ التَّلفُّظَ بالرَّجعَةِ مُمكِنٌ معَ الشَّكِّ في الطَّلاقِ، ولا يَفتقرُ إلى ما تَفتقرُ إليهِ العِباداتُ مِنَ النِّيةِ، ولأنهُ لو شَكَّ في طَلقتَينِ فطلَّقَ واحدةً لَصارَ شاكًّا في تَحريمِها عليهِ، فلا تُفيدُه الرَّجعةُ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٧٣، ٢٧٤).
(٢) «المغني» (٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>