وقالَ الحَنابلةُ: إنْ قالَ لامرَأتِه وأجنبيَّةٍ: «إحداكُما طالِقٌ، أو سَلْمَى طالِقٌ» واسمُهَما -أي زَوجَتُه- والأجنبيَّةِ سَلمَى طَلُقَتْ امرَأتُه؛ لأنَّ الأصلَ اعتبارُ كَلامِ المُكلَّفِ دُونَ إلغائِه، فإنْ أضافَهُ إلى إحدَى امرأتَينِ وإحداهُما زَوجَتُه أو إلى اسمٍ وزَوجتُه مُسمَّاةٌ بذلكَ وجَبَ صَرْفُه إلى امرأتِه؛ لأنهُ لو لم يُصرَفْ إليها لَوقَعَ لَغوًا.
ولو قالَ لحَماتِه:«ابنَتُكِ طالِقٌ» ولها بنْتٌ غَيرُها وقالَ: «أردْتُ ابنتَكِ الأُخرَى الَّتي ليسَتْ بزَوجَتي» طَلُقَتْ زَوجَتُه.
وإنْ قالَ:«أردْتُ الأجنبيَّةَ» لم تَطْلُقِ امرَأتُه؛ لأنَّه لَم يُصرِّحْ بطَلاقِها ولا لفَظَ بما يَقتضِيه ولا نَواهُ، فوجَبَ بقاءُ نِكاحِها على ما كانَ عليهِ، وإنِ ادَّعى ذلكَ دُيِّنَ فيمَا بيْنَه وبيْنَ اللهِ؛ لأنَّه يحتملُ ما قالَهُ.
إلَّا أنهُ لا يُقبَلُ في الحُكمِ في أشهَرِ الرِّوايتَينِ، فلا يَحكمُ بهِ القاضي؛ لأنهُ خِلافُ الظَّاهرِ؛ لأنَّ غَيرَ زَوجتِه ليسَتْ مَحلًّا لطلاقِه إلَّا بقَرينةٍ، فإذا كانَ ثَمَّ قَرينةٌ دالَّةٌ على إرادةِ الأجنبيَّةِ مِثلَ أنْ يَدفعَ بيَمينِهِ ظُلمًا أو يَتخلَّصَ بها مِنْ مَكروهٍ فإنَّه يُقبَلُ في الحُكمِ، ونقَلَ أبو داودَ فيمَن لهُ امرأتانِ اسمُهُما واحِدٌ ماتَتْ إحداهُما فقالَ:«فلانةُ طالِقٌ» -يَنوِي المَيتةَ- فقالَ: المَيتةُ تُطلَّقُ؟! كأنَّ أحمَدَ أرادَ: لا يُصدَّقُ حُكمًا.