للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثَّالثُ للحَنابلةِ قالُوا: إذا قالَ لزَوجاتِهِ: «إحداكُنَّ طالِقٌ» ونَوَى واحدةً مُعيَّنةً قُبِلَ منهُ تَعيينُها وطلقَتْ؛ لأنهُ عَيَّنَها بنيَّتِه أشبَهَ ما لو عَيَّنَها بلَفظِه، وإنْ لم يَنوِ ففيهِ رِوايتانِ، أشهَرُهما -وهي المَذهبُ- أنهُ يُخرِجُ المُطلَّقةَ بالقُرعةِ إذا لم يَنوِ واحدةً بعَينِها، وهو قولُ عَليٍّ وابنِ عبَّاسٍ، ولا يُعرَفُ لهُما مُخالِفٌ في الصَّحابةِ، وبهِ قالَ الحسَنُ البَصريُّ وأبو ثَورٍ وغَيرُهما، ولأنهُ إزالةُ مِلكٍ بُنيَ على التَّغليبِ والسِّرايةِ فتَدخُلُه القُرعةُ كالعِتقِ، وممَّا يَدلُّ على صحَّةِ تَعيينِ المُطلَّقةِ بالقُرعةِ حَديثُ عِمرانَ بنِ حُصينٍ في عِتقِ الأَعْبُدِ السِّتةِ، فإنَّ تَصرُّفَه في الجَميعِ لمَّا كانَ باطلًا جُعلَ كأنهُ أعتَقَ ثُلثًا منهُم غيرَ مُعيَّنٍ، فعَيَّنَه النَّبيُّ بالقُرعةِ، والطَّلاقُ كالعتاقِ في هذا؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنهُما إزالةُ مِلكٍ مَبنيٌّ على التَّغليبِ والسِّرايةِ، فإذا اشتَبَهُ المَملوكُ في كلٍّ مِنهُما بغَيرِه لم يُجعَلِ التَّعيينُ إلى اختيارِ المالِكِ.

ولأنَّ الحَقَّ لواحدٍ غَيرِ مُعيَّنٍ فوجَبَ تَعيينهُ بالقُرعةِ، كالحرِّيةِ في العَبيدِ إذا أعتَقَهُم في مرَضِه ولم يَخرُجْ جَميعُهُم مِنَ الثُّلثِ، وكالسَّفرِ بإحدَى نِسائِه، والبدايةِ بإحداهُنَّ في القَسْمِ، وكالشَّريكَينِ إذا اقتَسَما، ولأنهُ طلَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>