للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُوقعُ الطَّلاقَ عليها والباقياتُ نِساؤُه، وهوَ مَذهبُ الحَنفيَّةِ والشَّافعيةِ على تَفصيلٍ عِنْدَهُمْ (والمَدَنيينَ مِنَ المالكيَّةِ) والإمامِ أحمَدَ في روايةٍ.

قالَ الحَنفيَّةُ: وذلكَ لأنهُ إذا مَلكَ الإبهامَ ملَكَ التَّعيينَ، ويَدلُّ عليهِ حَديثُ الضحَّاكِ بنِ فَيروزَ الدَّيلميِّ عَنْ أبيهِ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ إنِّي أسلَمْتُ وتَحتِي أُخْتانِ، قالَ: «طَلِّقْ أيَّتهُما شِئتَ» (١). فلمَّا لَم يَكنْ بدٌّ مِنْ فِراقِ إحداهُما جُعِلَ الخِيارُ إليهِ فيهما.

وللنِّساءِ أنْ يُخاصِمْنَه ويَستَعدِينَ عليهِ إلى القاضي حتَّى يُبيِّنَ إذا كانَ الطَّلاقُ ثلاثًا أو بائِنًا؛ لأنَّ لِكلِّ واحدةٍ مِنهنَّ حقًّا في استِيفاءِ مَنافعِ النِّكاحِ وأحكامِه، أوِ التَّوصُّلَ إلى التَّزوُّجِ بزَوجٍ آخَرَ، وكانَ على الزَّوجِ البَيانُ، والقَولُ قَولُه؛ لأنَّه المُجمِلُ كمَنْ أقَرَّ بشيءٍ غَيرِ مُعيَّنٍ، ويُجبِرُه القاضي أنْ يُوقِعَ الطَّلاقَ على مُعيَّنةٍ لتَحصلَ الفائِدةُ، وعليها العدَّةُ مِنْ حينِ بَيَّنَ، ويَلزمُه نَفقتُهنَّ؛ لأنَّ لكلِّ واحِدةٍ مِنهنَّ المُطالَبةُ بأحكامِ النِّكاحِ، فكانَ على الحاكِمِ إلزامُه بإيفاءِ الحقِّ، ويَقضي عَليهِ بنَفقتِهنَّ؛ لأنَّها تَجبُ للمُعتدَّةِ وللزَّوجةِ.

ولوِ ادَّعتْ كلُّ واحدةٍ أنَّها المُطلَّقةُ ثلاثًا يَحلِفُ الزَّوجُ، فإنْ نكَلَ وقَعَ على كلِّ واحِدةٍ الثَّلاثُ؛ لأنهُ بالنُّكولِ صارَ باذِلًا أو مُقرًّا لها بالثَّلاثِ، وإنْ حلَفَ لهُنَّ فالحُكمُ كما قُلنا قبْلَ اليَمينِ.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢٢٤٣)، وابن ماجه (١٩٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>