للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّاني: أنَّ الطَّلاقَ يُزيلُ المَقصودَ مِنَ النِّكاحِ فلَم يَصحَّ قبْلَهُ، وهذا لا يُزيلُه وإنَّما يُعلِّقُ الإباحَةَ على شَرطٍ، وحِينئذٍ فالآيةُ في قَولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ خَرَجَتْ مَخرَجَ الغالِبِ، فإنَّ الغالِبَ أنَّ الإنسانَ إنَّما يُظاهِرُ مِنْ نِسائِه، فلا يُوجِبُ تَخصيصَ الحُكمِ بهنَّ، كما أنَّ تَخصيصَ الرَّبيبةِ الَّتي في حِجْرِه بالذِّكرِ لم يُوجِبِ اختِصاصَها بالتَّحريمِ، وأمَّا الإيلاءُ فإنَّما اختَصَّ حُكمُه بنِسائِه؛ لكَونِه يَقصِدُ الإضرارَ بهنَّ دونَ غَيرِهنَّ، والكفَّارةُ وجَبَتْ هاهُنا لقَولِ المُنكَرِ والزُّورِ، ولا يَختَصُّ ذلكَ بنسائِه (١).

قالَ المِرْداويُّ : يَصحُّ الظِّهارُ مِنَ الأجنبيَّةِ، ولا يَطَؤُها إذا تَزوَّجَها حتَّى يُكفِّرَ على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، نصَّ عَليهِ، قالَ في «الرِّعايَة الكُبْرَى»: صَحَّ في الأشهَرِ، قالَ الزَّركَشيُّ: هذا مَنصوصُ الإمامِ أحمَدَ وعَليهِ أصحابُه.

وقيلَ: لا يَصحُّ كالطَّلاقِ، قالَ في «الانتِصار»: هذا قياسُ المَذهبِ كالطَّلاقِ، وذكَرَه الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ رِوايةً.

والفَرقُ: أنَّ الظِّهارَ يَمينٌ، والطَّلاقُ حَلُّ عَقدٍ، ولم يُوجَدْ.

فائدةٌ: وكذا الحُكمُ إذا علَّقَه فتَزوَّجَها، بأنْ قالَ: «إذا تَزوَّجتُ فُلانةً فهي عليَّ كظَهرِ أمِّي» خِلافًا ومَذهبًا (٢).


(١) «المغني» (٧/ ١٤، ١٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٠٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٣٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥١٢)، و «منار السبيل» (٣/ ١٣٨).
(٢) «الإنصاف» (٩/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>