ولكنْ يَكونُ حالِفًا وإنْ لم يكنْ مُولِيًا، ومتَّى وطِئَها حَنَثَ وكَفَّرَ وإنْ لَم يُؤجَّلْ لها أجلَ الإيلاءِ؛ لأنَّ اليَمينَ يَصحُّ مِنَ الأجنبيَّةِ وإنْ لم يَصحَّ مِنها الإيلاءُ (١).
وأمَّا الحَنابلةُ فإنَّهم خالَفُوا في ذلكَ، فلَمْ يُصحِّحُوا تَعليقَ الطَّلاقِ بعْدَ الزَّواجِ كما تَقدَّمَ، إلَّا أنَّهم صَحَّحُوا تَعليقَ الظِّهارِ فقالُوا: إنْ قالَ لأجنبيَّةٍ: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» ونَجَّزَه، أو قالَ لأجنبيَّةٍ: «إنْ تَزوَّجتُكِ فأنتِ عَليَّ كظَهرِ أمِّي» لَم يَطأْها إنْ تَزوَّجَها حتَّى يُكفِّرَ كَفارةَ الظِّهارِ؛ لأنَّه إذا تَزوَّجَها تَحقَّقَ مَعنَى الظِّهارِ فيها، وحَيثُ كانَ كذلكَ امتَنعَ وَطؤُها قبْلَ التَّكفيرِ، ورَواهُ أحمَدُ عَنْ عُمرَ؛ لأنَّها يَمينٌ مُكفَّرةٌ، فصحَّ عقدُها قبْلَ النِّكاحِ.
وكذا إنْ قالَ: «كلُّ النِّساءِ عليَّ كظَهرِ أُمِّي، أو قالَ: كلُّ امرأةٍ أتَزوَّجُها فهي عَليَّ كظَهرِ أمِّي» فظِهارٌ، فإنْ تَزوَّجَ نساءً وأرادَ الوَطءَ فعليهِ كفَّارةٌ واحِدةٌ، وسَواءٌ تَزوَّجَهنَّ بعِقدٍ أو عُقودٍ؛ لأنَّها عَينٌ واحِدةٌ فلا تُوجِبُ أكثرَ مِنْ كفَّارةٍ.
والفَرقُ بيْنَه وبيْنَ الطَّلاقِ، فإنَّه تَقدَّمَ أنَّ الطَّلاقَ على الوَجهِ المَذكورِ لا يَصحُّ، وقَد يُفرَّقُ بيْنَهما بوَجهَينِ:
أحدُهُما: أنَّ الطَّلاقَ حَلُّ قَيدِ النِّكاحِ، ولا يُمكِنُ حَلُّه قبْلَ عَقدِه، وأمَّا الظِّهارُ فهوَ تَحريمٌ للوَطءِ، فيَجوزُ تَقديمُه على الوَطءِ كالحَيضِ.
(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute