للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطيبَتُه فقَطْ أو لسَببٍ آخرَ، فإنَّ الفُقهاءَ نَصُّوا في هذهِ الحالةِ أنَّه إذا طلَّقَها أنَّ طَلاقَه يَلزمُه.

قالَ الإمامُ الطَّحاويُّ : الخَطأُ: هو ما أرادَ الرَّجلُ غيْرَه ففعَلَهُ لا عَنْ قَصدٍ مِنهُ إليهِ ولا إرادةٍ منهُ إيَّاهُ، وكانَ السَّهوُ ما قصَدَ إليهِ ففعَلَه على القَصدِ منهُ إليهِ على أنَّهُ سَاهٍ عَنِ المَعنى الَّذي يَمنَعُه مِنْ ذلكَ الفِعلِ، وكانَ الرَّجلُ إذا نَسِيَ أنْ تكونَ هذهِ المَرأةُ لهُ زَوجةً فقصَدَ إليها فطَلَّقَها فكُلٌّ قد أجمَعَ أنَّ طلاقَهُ عامِلٌ، ولَم يُبطِلُوا ذلكَ لسَهوِه، ولَم يَدخُلْ ذلكَ السَّهوُ في السَّهوِ المَعفوِّ عنهُ (١).

ويُسمَّى أيضًا طلاقَ الظَّانِّ، قالَ الإمامُ السُّغْدِيُّ الحَنفيُّ : طلاقَ الظَّانِّ طلاقٌ، وهو أنَّ الرَّجلَ يَرَى امرأتَهُ فيَظنُّها أجنبيَّةً فيَقولُ لها: «أنتِ طالِقٌ» … أو نَسِيَ نِكاحَها فقالَ بعْدَ ذلكَ: «كلُّ امرَأةٍ لهُ طالِقٌ» فإنَّها لا تَطلُقُ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ (٢).

لكنْ -واللهُ أعلَمُ- أنَّ هذهِ الصُّورةَ يَجرِي فيها الخِلافُ الآتي ذِكرُه وإنْ لم أَجِدْه مَنصوصًا للفُقهاءِ.

وقد قالَ شَيخُ الإسلامُ ابنُ تَيميةَ : لو لَقِيَ امرَأةً ظَنَّها أجنبيَّةً فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» فتَبيَّنَ أنَّها امرَأتُه فإنَّها لا تَطلُقُ على الصَّحيحِ؛ إذِ


(١) «شرح معاني الآثار» (٣/ ٩٥).
(٢) «فتاوى السغدي» (١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>