للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأدلَّةُ الشَّرعيَّةُ تَدلُّ على عَدمِ نُفوذِ طلاقِهِ وعِتقِه وعُقودِهِ الَّتي يُعتبَرُ فيها الاختِيارُ والرِّضا، وهَو فَرعٌ منَ الإغلاقِ كما فَسَّرَه بهِ الأئمَّةُ.

وقَد ذكَرْنا دَلالةَ الكِتابِ على ذلكَ مِنْ وُجوهٍ.

وأمَّا دَلالةُ السُّنَّةِ فمِن وُجوهٍ: … ثمَّ ذكَرَها ، وأنا أذكُرُ كامِلَ كَلامِهِ في الحاشِيةِ (١).


(١) قال : فعِندَ رَسولِ اللهِ السّعَةُ والرَّحمةُ، وعِندَ غَيرِه الشدَّةُ والنقمَةُ، فما جاءَهُ مَكروبٌ إلَّا وجَدَ عِندَه تَفريجَ كُربَتِه، ولا لَهفانُ إلَّا وجَدَ عِندَه إغاثةَ لَهفَتِه، فما فرَّقَ بيْنَ زَوجَينِ إلَّا عَنْ وَطَرٍ واختِيارٍ، ولا شتَّتَ شَمْلَ مُحبَّينِ إلَّا على إرادةٍ مِنهُما وإيثارٍ، ولَم يُخرِّبْ دِيارَ المُحبِّينَ بغَلطِ اللِّسانِ، ولم يُفرِّقْ بَينَهم بما جَرَى عليهِ مِنْ غَيرِ قَصدِ الإنسانُ، بل رَفعَ المُؤاخَذةَ بالكَلامِ الَّذي لم يَقصِدْه المُتكلِّم، بل جَرَى على لِسانِه بحُكمِ الخطأِ والنِّسيانِ، أو الإكراهِ والسَّبقِ على طَريقِ الاتِّفاقِ، فقالَ فيما رَواهُ عَنه أهلُ السُّنَنِ من حديثِ عائشةَ أمِّ المُؤمنينَ: «لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاقٍ». رَواهُ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ وابنُ ماجَه والحاكِمُ في «صَحيحِه» وقالَ: هذا حَديثٌ صَحيحٌ على شرطِ مُسلمٍ ولَم يُخرِّجاهُ.
قال أبو داودَ: «في غِلاقٍ»، ثمَّ قالَ: والغِلاقُ أظنُّه الغَضبَ.
وقالَ حَنبلٌ: سَمعتُ أبا عَبدِ اللهِ -يَعني أحمدَ بنَ حَنبلٍ- يَقولُ: هوَ الغَضبُ. ذكَرَه الخلَّالُ وأبو بَكرٍ عَبدُ العَزيزِ. ولفظُ أحمدَ: يَعني الغَضبَ.
قالَ أبو بكرٍ: سَألتُ أبا مُحمَّدٍ وابنَ دُريدٍ وأبا عَبدِ اللهِ وأبا طاهِرٍ النَّحْويينَ عَنْ قولِه: «لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاقٍ». قالُوا: يُريدُ الإكراهَ؛ لأنَّه إذا أُكرِهَ انغلَقَ عليهِ رأيُه، ويَدخُلُ في هذا المَعنى المُبرسَمُ والمَجنونُ.
فقلتُ لبَعضِهم: والغَضبُ أيضًا؟ فقالَ: ويَدخلُ فيهِ الغَضبُ؛ لأنَّ الإغلاقَ لهُ وَجهانِ: أحَدُهما الإكراهُ، والآخَرُ ما دخَلَ عَليهِ ممَّا يَنغلِقُ بهِ رَأيُه عليهِ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>