للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الإكراهُ على فِعلِ الإسلامِ فإنَّما يَصِحُّ ويَثبُتُ فيمَن كانَ حَربيًّا فيُدعَى بالسَّيفِ إلى الإسلامِ؛ لأنَّ إكراهَهُ عَليهِ واجِبٌ قد ورَدَ الشَّرعُ بهِ، ولا يَصحُّ إكراهُ الذمِّيِّ الباذِلِ للجَزيةِ؛ لأنَّ الشَّرعَ قدْ أقرَّهُ عَليهِ، فكانَ إكراهُهُ عليهِ ظُلمًا فلم يَصحَّ.

ولأنَّ الإكراهَ مَعنًى يُزيلُ حُكمَ الإقرارِ بالطَّلاقِ، فوَجَبَ أنْ يُزيلَ حُكمَ إيقاعِ الطَّلاقِ كالجُنونِ والنَّومُ والصِّغرِ.

ولأنَّه لَفظٌ يَتعلَّقُ بهِ الفَرقُ بيْنَ الزَّوجَينِ، فوجَبَ أنْ لا يَصحَّ إذا حُمِلَ عليهِ فيهِ حقٌّ، أصلُهُ الإكراهُ على كَلمةِ الكُفرِ.

ولأنَّه قَولٌ في أحَدِ طَرفي النِّكاحِ، فوجَبَ أنْ لا يَصحَّ معَ الإكراهِ كالنِّكاحِ.

ولأنَّ كلَّ بُضعٍ لم يُملَكْ بلَفظِ المُكرَهِ لم يَحرُمْ بقَولِ المُكرَهِ، كالإيماءِ في البَيعِ والشِّراءِ.

وأمَّا قَولُه : «ثلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جِدٌّ»، فهو أنَّنا نَقولُ بمُوجَبِه، ونَجعَلُ الجِدَّ والهَزلَ في وُقوعِ الطَّلاقِ سَواءً، والمُكرَهُ ليسَ بجادٍّ ولا هازِلٍ، فخرَجَ عنها كالمَجنونِ؛ لأنَّ الجَادَّ قاصِدُ اللَّفظِ مُريدٌ للفُرقةِ، والهازِلَ قاصِدٌ للَّفظِ غَيرُ مُريدٍ للفُرقةِ، والمُكرَهُ غَيرُ قاصِدٍ للَّفظِ ولا مُريدٍ للفُرقةِ.

فالفَرقُ بيْنَ طلاقِ الهازِلِ وطلاقِ المُكرَهِ أنَّ الهازِلَ قاصِدٌ للَّفظِ مُؤثِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>