قالَ البُخاريُّ في صَحيحِه: بابُ الطَّلاقِ في الإغلاقِ والمُكرَهِ والسَّكرانِ والمَجنونِ وأمرِهِما والغَلَطِ والنِّسيانِ في الطَّلاقِ والشَّكِ؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ: «الأعمالُ بالنِّيةِ، ولكُلِّ امرِئٍ ما نوَى»، وتَلا الشَّعبيُّ: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، وما لا يَجوزُ مِنْ إقرارِ المُوسوِسِ، وقالَ النَّبيُّ ﷺ للَّذي أقرَّ على نَفسِه: «أَبِكَ جُنونٌ؟»، وقالَ عليٌّ: «بَقَرَ حَمزةُ خَواصِرِ شارِفِيَّ فطَفِقَ النَّبيُّ ﷺ يَلومُ حَمزةَ، فإذا حَمزةُ قدْ ثَمِلَ مَحمَرَّةٌ عَيناهُ، ثمَّ قالَ حَمزةُ: هل أنتم إلَّا عَبيدٌ لآبائي؟ فعرَفَ النَّبيُّ ﷺ أنَّه قد ثَمِلَ، فخَرجَ وخرَجْنا معهُ»، قالَ عُثمانُ: «ليسَ لمَجنونٍ ولا لسَكرانَ طلاقٌ»، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: «طلاقُ السَّكرانِ والمُستكرَهِ ليسَ بجائِزٍ»، وقالَ عُقبةُ بنُ عامِرٍ: «لا يَجوزُ طلاقُ المُوسوِسِ»، هذا لَفظُ التَّرجمةِ، ثمَّ ساقَ بَقيَّةَ البابِ.
ولا يُعرَفُ عَنْ رَجلٍ مِنْ الصَّحابةِ أنَّه خالَفَ عُثمانَ وابنَ عبَّاسٍ في ذلكَ، ولذلكَ رجَعَ الإمامُ أحمَدُ إلى هذا القولِ، بعْدَ أنْ كانَ يُفتِي بنُفوذِ طلاقِه، فقالَ أبو بكرٍ عبدُ العَزيزِ في كِتابِ «الشَّافي والزَّاد»: قالَ أبو عَبدِ اللهِ في رِوايةِ المَيمُونِيِّ: قَدْ كنتُ أقولُ بأنَّ طلاقَ السَّكرانِ يَجوزُ، حتَّى تَبيَّنتُه، فغلَبَ عليَّ أنَّه لا يَجوزُ طلاقُه؛ لأنَّه لو أقَرَّ لَم يَلزَمْه، ولَو باعَ لَم يَجُزْ بَيعُه، قالَ: وأُلزِمُه الجِنايةَ، وما كانَ مِنْ غَيرِ ذلكَ فلا يَلزمُه، قالَ أَبو بكْرٍ: وبهذا أقولُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute