للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: لا يَقعُ، وهذا مِنْ قَولِه يَقتضِي أنْ تكونَ هَذهِ اللَّفظةُ غيرَ صَريحةٍ في أحدِ القولَينِ، قالَ القاضِي: والمَنصوصُ عَنْ أحمَدَ أنَّهُ صَريحٌ، وهوَ الصَّحيحُ؛ لأنَّ هذهِ مُتصرِّفةٌ مِنْ لَفظِ الطَّلاقِ، فكانَتْ صَريحةً فيهِ كقَولِه: أنتِ طالِقٌ (١).

وذهَبَ الحنفيَّةُ إلى أنَّ طلاقَ المُخطِئِ يَقعُ، قالَ الإمامُ السُّغدِيُّ : طلاقُ الغالِطِ والخاطئِ ليسَ بطَلاقٍ عِنْدَ الشَّعبيِّ ووَكيعٍ وأبِي عَبدِ اللهِ، وهوَ أنْ يَتكلَّمَ الرجُلُ فيَلفظَ فيَقولَ امرأتُه طالِقٌ، فإنَّه ليسَ بطلاقٍ.

وفي قولِ أبي حَنيفةَ وأصحابِه: هوَ طَلاقٌ (٢).

إلَّا أنَّ الصَّحيحَ عِندَهم أنَّه يَقعُ قَضاءً لا دِيانةً، قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وكذا كَونُه عامِدًا ليسَ بشَرطٍ، حتَّى يَقَع طلاقُ الخاطِئِ، وهوَ الَّذي يُريدُ أنْ يتكلَّمَ بغَيرِ الطَّلاقِ فسبَقَ لسانُه بالطَّلاقِ؛ لأنَّ الفائِتَ بالخطأِ ليسَ إلَّا القَصدُ، وأنَّه ليسَ بشَرطٍ لوُقوعِ الطَّلاقِ، كالهازِلِ واللَّاعِبِ بالطَّلاقِ وكذلكَ العِتاق؛ لِمَا قُلنَا في الطَّلاقِ، وذكَرَ الكرخيُّ أنَّ في العِتاقِ رِوايتَينِ، فإنَّ هِشامًا رَوى عَنْ مُحمدٍ عَنْ أبي حَنيفةَ أنَّ مَنْ أرادَ أنْ يقولَ لامرأتِهِ: «اسقِيني ماءً، فقالَ لها: أنتِ طالقٌ» وقعَ، ولو أرادَ ذلكَ في العَبدِ فقالَ: «أنتَ حُرٌّ» لم يَقعْ، ورَوى بِشرُ بنُ الوَليدِ الكِنديُّ عَنْ


(١) «المغني» (٧/ ٢٩٥).
(٢) «فتاوى السغدي» (١/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>