للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكَى الرّويانِيُّ عَنْ صاحَبِ «الحاوِي» وغَيرِه أنَّ هذا فيما إذا كانَ الزَّوجُ مُتهَمًا، فأمَّا إنْ ظنَّتْ صِدقَهُ بأمارَةٍ فلها أنْ تَقبلَ قولَهُ ولا تُخاصِمَه، وأنَّ مَنْ سمِعَ ذلكَ منهُ إذا عرَفَ الحالَ يَجوزُ أنْ يَقبلَ قولَهُ ولا يَشهدَ عليهِ.

قالَ الرّويانِيُّ : وهذا هو الاختِيارِ.

ولو كانَتْ زَوجتُه تُسمَّى طالِقًا وعُبدُه يُسمَّى حُرًّا فقالَ لها: «يا طالِقُ، ولهُ: يا حُرُّ»؛ فإنْ قصَدَ النِّداءَ فلا طلاقَ ولا عِتقَ، وإنْ قصَدَ الطَّلاقَ والعِتقَ حصَلَا، قالَ النَّوويُّ: وإنْ أطلَقَ ولم يَنوِ شيئًا فعلى أيِّهما يُحمَلُ؟ وَجهانِ:

أصحُّهما: على النِّداءِ، وبهِ قطَعَ البَغويُّ.

ولو كانَ حُروفُ اسمِ امرأتِه تُقارِبُ حُروفَ طالِقٍ كطالِعٍ وطالِبٍ وطارِقٍ فقالَ: «يا طالِقُ» ثمَّ قالَ: «أردتُ أنْ أقولَ يا طارِقُ، أو يا طالِعُ، فالْتَفَّ الحَرفُ بلسانِي» قُبلَ قَولُه في الظَّاهرِ؛ لظُهورِ القَرينةِ.

ومِن صُوَرِ سَبقِ اللِّسانِ ما إذا طَهُرَتْ مِنَ الحَيضِ أو ظنَّ طُهرَها فأرادَ أنْ يقولَ: «أنتِ الآنَ طاهِرةٌ» فسبَقَ لسانُه فقالَ: «أنتِ الآنَ طالِقةٌ» (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ زكريَّا الأنصاريُّ : وكذا سَبقُ اللِّسانِ إلى لَفظِ الطَّلاقِ لَغوٌ؛ لأنَّهُ لم يَقصدِ اللَّفظَ، لكنْ يُؤاخَذُ بهِ ولا يُصدَّقُ في دَعواهُ


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ٣٥٣، ٣٥٤، ٣٥٤)، ويُنظر: «النجم الوهاج» (٧/ ٤٩٩، ٥٠٠)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٨١٥، ٨١٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٦٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٥١٠، ٥١١)، و «الديباج» (٣/ ٤١٣، ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>